responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : الأحاديث المشكلة الواردة في تفسير القرآن الكريم المؤلف : القصير، أحمد بن عبد العزيز    الجزء : 1  صفحة : 706
وغيره ممن يقبل مرسل الثقة، أما نحن فهو غير وارد علينا لما أوردنا من الاحتمالات التي تمنع الاحتجاج بالحديث المرسل، ولو من غير وجه، ولعل هذا مذهب الحافظ ابن كثير حيث قال عند تفسيره للآية السابقة: «قد ذكر كثير من المفسرين هاهنا قصة الغرانيق، وما كان من رجوع كثير من المهاجرة إلى أرض الحبشة، ظناً منهم أنَّ مشركي قريش قد أسلموا، ولكنها من طرق كلها مرسلة، ولم أرها مسندة من وجه صحيح». اهـ (1)
فإن ابن كثير يعلم أنَّ بعض هذه المراسيل التي أشار إليها أسانيدها صحيحة إلى مُرْسِلها، فلو كان بعضها يعضد بعضاً عنده وتقوى القصة بذلك، لما ضعفها بحجة أنه لم يرها مسندة من وجه صحيح، وهذا بيِّن لا يخفى.
ثم إن من الغريب أنَّ الحافظ ابن حجر مع ذهابه إلى تقوية القصة يرى أنَّ فيها ما يُستنكر وأنه يجب تأويله فيقول - بعد كلامه الذي نقلته آنفاً-: «وإذا تقرر ذلك تعيَّن تأويل ما وقع فيها مما يستنكر وهو قوله: ألقى الشيطان على لسانه: (تلك الغرانيق العلى، وإن شفاعتهن لترتجى)؛ فإن ذلك لا يجوز حمله على ظاهره؛ لأنه يستحيل عليه - صلى الله عليه وسلم - أن يزيد في القرآن عمداً ما ليس منه، وكذا سهواً إذا كان مغايراً لما جاء به من التوحيد لمكان عصمته». اهـ (2)
ثم ذكر الحافظ مسالك العلماء في تأويل ذلك، ثم اعتمد على الوجه الأخير منها [3]، وهو الذي نقلناه عن القاضي عياض قُبَيْلَ هذا الفصل، وقلنا إنه رجَّحه، ثم قال الحافظ: «وهذا أحسن الوجوه، ويؤيِّده ما تقدم في صدر الكلام عن ابن عباس من تفسير تمنَّى بـ (تلا)». (4)
فينتج من ذلك أنَّ الحافظ رحمه الله، قد سلَّم أنَّ الشيطان لم يتكلم على لسان النبي - صلى الله عليه وسلم - بتلك الجملة، وإنما ألقاها الشيطان بلسانه في سكتة النبي - صلى الله عليه وسلم -، فهذا لا يتفق ألبتة مع القول بصحة القصة، أو أنَّ لها أصلاً، فإن كان يريد

(1) تفسير ابن كثير (3/ 239).
(2) فتح الباري، لابن حجر (8/ 293).
[3] يرى الألباني نسبة هذا التوجيه للحافظ ابن حجر، وقد ذكرتُ سابقاً أنه لا يصح، وقلت هناك: إن عبارة الحافظ لا تفيد ذلك، فراجعه إن شئت، ص (699).
(4) فتح الباري، لابن حجر (8/ 294).
اسم الکتاب : الأحاديث المشكلة الواردة في تفسير القرآن الكريم المؤلف : القصير، أحمد بن عبد العزيز    الجزء : 1  صفحة : 706
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست