responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : الأحاديث المشكلة الواردة في تفسير القرآن الكريم المؤلف : القصير، أحمد بن عبد العزيز    الجزء : 1  صفحة : 394
أجرى ذلك على يده؛ إما بأنْ كتب ذلك وهو غيرُ عالمٍ بما يَكْتُب، أو أنَّ الله تعالى عَلَّمَه ذلك حينئذٍ حتى كتب، ورأوا أنَّ ذلك غير قادحٍ في كونه أميَّاً، ولا مُعارضٌ لقوله تعالى: (وَمَا كُنْتَ تَتْلُو مِنْ قَبْلِهِ مِنْ كِتَابٍ وَلَا تَخُطُّهُ بِيَمِينِكَ)، ولا لقوله - صلى الله عليه وسلم -: "إِنَّا أُمَّةٌ أُمِّيَّةٌ لَا نَكْتُبُ وَلَا نَحْسُبُ" [1]، بل رأوه زيادة في معجزاته، واستظهاراً على صدقه وصحة رسالته، وذلك أنه كتب من غير تعلم للكتابة، ولا تعاطٍ لأسبابها، وإنما أجرى الله تعالى على يده وقلمه حركات كانت عنها خطوط مفهومها "ابن عبد الله" لمن قرأها، فكان ذلك خارقاً للعادة، كما أنه عليه السلام عَلِمَ عِلْمَ الأولين والآخرين من غير تَعَلُّمٍ ولا اكتساب، فكان ذلك أبلغ في معجزاته، وأعظم في فضائله، ولا يزول عنه اسم الأمي بذلك، ولذلك قال الراوي عنه في هذه الحالة: "وَلَيْسَ يُحْسِنُ يَكْتُبُ" فبقي عليه اسم الأمي مع كونه قال كَتَب.
قال أبو العباس القرطبي: "وقد أنكر هذا كثير من متفقهة الأندلس وغيرهم، وشددوا النكير فيه، ونسبوا قائله إلى الكفر، وذلك دليل على عدم العلوم النظرية، وعدم التوقف في تكفير المسلمين، ولم يتفطنوا أنَّ تكفير المسلم كقتله، على ما جاء عنه عليه السلام في الصحيح [2]، لا سيما رَمْي من شهد له أهل عصره بالعلم والفضل والإمامة، على أنَّ المسألة ليست قطعية، بل مستندها ظواهرُ أخبارِ أحادٍ صحيحة، غير أنَّ العقل لا يحيلها، وليس في الشريعة قاطع يحيل وقوعها". اهـ [3].
ومراد أبي العباس القرطبي هو ما جرى لأبي الوليد الباجي، فإنه لما

[1] أخرجه البخاري في صحيحه، في كتاب الصوم، حديث (1913)، ومسلم في صحيحه، في كتاب الصيام، حديث (1080).
[2] عَنْ أَبِي قِلَابَةَ أَنَّ ثَابِتَ بْنَ الضَّحَّاكِ - وَكَانَ مِنْ أَصْحَابِ الشَّجَرَةِ - حَدَّثَهُ: أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: "مَنْ لَعَنَ مُؤْمِنًا فَهُوَ كَقَتْلِهِ، وَمَنْ قَذَفَ مُؤْمِنًا بِكُفْرٍ فَهُوَ كَقَتْلِهِ". أخرجه البخاري في صحيحه، في كتاب الأدب، حديث (6047).
[3] المفهم لما أشكل من تلخيص كتاب مسلم، للقرطبي (3/ 637)، وانظر: إكمال المعلم بفوائد مسلم، للقاضي عياض (6/ 152)، وشرح صحيح مسلم، للنووي (12/ 192)، وتفسير القرطبي (13/ 233 - 234).
اسم الکتاب : الأحاديث المشكلة الواردة في تفسير القرآن الكريم المؤلف : القصير، أحمد بن عبد العزيز    الجزء : 1  صفحة : 394
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست