اسم الکتاب : التضمين النحوي في القرآن الكريم المؤلف : محمد نديم فاضل الجزء : 1 صفحة : 366
قَالَ تَعَالَى: (إِنَّا إِلَى رَبِّنَا رَاغِبُونَ) (1).
قال الطبري: راغبون في أن يُبدلنا من جنتينا خيراً منها أي تضمين إلى معنى في. وقال الرازي: طالبون منه الخير راجون لعفوه. وقال أبو حيان: أي طالبون إيصال الخير إلينا منه. وقال البيضاوي: عُدي بـ إلى لانتهاء الرغبة أو لتضمنه معنى الرجوع ومثله قال الآلوسي: أقول: ولعل تضمين (راغبون) معنى (راجعون) يشي بجفاف الدلالة ويُبوس ظلالها، فليس رجوعهم إلى اللَّه كأيِّ رجوع ولكنه عودة مصحوبة بتوبة
وندم واستسلام. فلا أكرم من هذه (الرغبة) ما دام معها سُمو المطلب وتجديد العهد وتبييض الصفحة. فتضمين (راغبون) معنى (ضارعون ومبتهلون) أذهبُ بها في الدلالة على إسلام الوجه والنفس والقلب لله عز وجل، مع ضراعة وابتهال وتوسل. هذا التوجه إلى الله هو هداية الفطرة إلى بارئها، وهو ثمرة الإيمان وضمان سعادة الإنسان. إنه ميلاد تحرر الضمير من عبودية النظم والأشخاص والأساطير والأوهام.
أما تضمينها معنى (راجون) كما قال الرازي فلا يتعدى بـ إلى وما كنا لنقف على هذه الفوارد لو جاءت الآية: إنا إلى ربنا راجعون أو طالبون.
ويبقى التضمين من محاسن هذه اللغة الشريفة نُدلي إليه مُستسقين كلّما جفَّ الثرى وأجدبت أقوال الُمعربين.
* * *
اسم الکتاب : التضمين النحوي في القرآن الكريم المؤلف : محمد نديم فاضل الجزء : 1 صفحة : 366