اسم الکتاب : التضمين النحوي في القرآن الكريم المؤلف : محمد نديم فاضل الجزء : 1 صفحة : 258
قَالَ تَعَالَى: (إِلَّا الَّذِينَ عَاهَدْتُمْ مِنَ الْمُشْرِكِينَ ثُمَّ لَمْ يَنْقُصُوكُمْ شَيْئًا وَلَمْ يُظَاهِرُوا عَلَيْكُمْ أَحَدًا فَأَتِمُّوا إِلَيْهِمْ عَهْدَهُمْ إِلَى مُدَّتِهِمْ (4)
قال أبو حيان: وتعدى (أتموا) بـ (إلى) لتضمنه معنى (فأدوا) أي فادوه إليهم تاما كاملا، ومثله قال البروسوي. وسبقهم إلى ذلك الزمخشري.
أقول: ورد الاستثناء في جماعة من بني بكر - هم بنو خزيمة - لم ينقضوا المسلمين شيئا مما عاهدوهم عليه، ولم يُعينوا عليهم عدوا فكان هذا وفاء لهم وإبقاء على عهدهم إلى نهايته، رغم حاجة موقف المجتمع المسلم في ذلك الوقت إلى تحرير الجزيرة من الشرك لأن أعداء الإسلام: الروم والفرس تنبهوا لخطره.
اللَّه جعل إتمام العهد والذي خرج عن دائرته اللغوية يتضمن معنى الأداء وهو عبادة له وتقوى يحبها (إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُتَّقِينَ).
وهذه قاعدة من قواعد الأخلاق الكبرى في الإسلام. ليست قاعدة منفعة ولا مصلحة، شأن يهود وكثير من الملل والنحل؛ وليست قاعدة من قواعد المصطلحات السياسية والمرتكزة على العرف أو القانون الدولي. إنها قاعدة تُنشىء مجتمعا دوليا تزول منه التناقضات ولا يهدده شبح الحرب ويرتفع بالبشرية إلى مستوى إنساني كريم.
لقد أفادت (إلى) هذه معنى (الأداء) في فعل أتموا كاملا غير ناقص، ولو جاء التعبير أدوا إليهم عهدهم لخفي عنا معنى الإتمام، فالأداء لا يفيد التمام والكمال، ولو جاء الإتمام متعديا باللام لخفي عنا معنى الأداء.
اسم الکتاب : التضمين النحوي في القرآن الكريم المؤلف : محمد نديم فاضل الجزء : 1 صفحة : 258