اسم الکتاب : التفسير اللغوي للقرآن الكريم المؤلف : الطيار، مساعد الجزء : 1 صفحة : 625
وهذا الكلامُ فيه اعتداءٌ على العربيَّةِ، وإدِّعاءٌ عليها في معنى الجيوبِ؛ لأنَّ المعنى الذي ذكره للجيب: «فتحة لها طبقتانِ»، معنًى مُحدَثٌ، وكأنَّه أخذه من المعنى الدارجِ بين العامَّةِ، وهو تسمية المخبأةِ جيباً، وهذا اصطلاحٌ حادثٌ، لم يُعهدْ في لسانِ العربِ، ولا من نزلَ فيهم الخطاب، ومن ثَمَّ لا يصحُّ استنباطٌ معنى لغوي منه، ولا حملُ القرآنِ عليه.
والجيبُ في اللُّغةِ مأخوذٌ من مادة (جوب)، أو تكون الياء فيه أصليةً [1]، وتكونُ مادة مستقلَّةً، وكلاهما في جميع الأحوالِ يرجعانِ إلى أصلٍ واحدٍ يدلُّ على خرقِ الشَّيء أو قطعه [2]، والمرادُ به في الآيةِ طوق الرأس مما يلي الرَّقبةَ، وهو ما يدخلُ فيه الرأسُ، والمعنى في ذلك أنْ تُغطِّيَ المرأةُ رأسها حتى يصلَ خمارُها إلى صدرِها فيتغطَّى منها الجيبُ.
وهذا القائلُ، جعلَ معنى الجيبِ: الفتحةَ التي لها طبقتانِ، ثُمَّ حملَ الجيوبَ المذكورةَ على هذا المعنى الذي اختاره، تاركاً بذلكَ المعهودَ من لغةِ العرب، والمعروفَ من معنى الجيوبِ على من نزل القرآنُ بلغتِهم، وفسَّرُوه بفعلِهم، فأسدلوا الخمارَ حتى الصَّدرِ [3].
2 - وما ورد في كتاب (مفهوم النَّصِّ/ دراسة في علوم القرآنِ)، حيث ذكرَ المؤلِّفُ في تفسيرِ قوله تعالى: {اقْرَا بِاسْمِ رَبِّكَ الَّذِي خَلَقَ} [العلق: [1]]، قال: «المسألةُ الأولى: أنَّ الأمر بالقراءةِ هنا أمرٌ بالتَّرديدِ، و «اقرأ»؛ معناها: «ردِّدْ»، وذلك على خلاف الفهمِ الشَّائعِ حتى الآنَ، والمستقر نتيجةَ تطوّرِ الشَّفاهيةِ إلى التدوينِ ...» [4]. [1] ينظر مثلاً: لسان العرب وتاج العروس، مادة (جيب). [2] ينظر: مقاييس اللغة (1:490 - 491)، (1:497 - 498)، والقاموس المحيط وشرحه تاج العروس، ولسان العرب، مادة (جوب)، ومادة (جيب). [3] ينظر في الردِّ على هذا التحريف في هذه الآية وما يتعلق بها من حكم، كتاب: بيضة الديك ـ نقد لغوي لكتاب الكتاب والقرآن، ليوسف الصيداوي (ص:75 - 97). [4] مفهومُ النص/ دراسة في علوم القرآن، للدكتور: نصر حامد أبو زيد (ص:75).
اسم الکتاب : التفسير اللغوي للقرآن الكريم المؤلف : الطيار، مساعد الجزء : 1 صفحة : 625