اسم الکتاب : التفسير اللغوي للقرآن الكريم المؤلف : الطيار، مساعد الجزء : 1 صفحة : 607
يا اللهُ، يا رحمنُ، يا ربُّ، يا مؤمنُ، يا مهيمنُ، ولم يُسْمَعْ يا إِلُّ في الدعاءِ» [1].
فالجوابُ: إنَّ هذا الاعتراضَ ليسَ بصحيحٍ، لورودِ هذا المعنى عن السَّلفِ العالمينِ بتفسيرِ كتابِ اللهِ، وجَهْلُ الزَّجَّاجِ (ت:311) وغيرِهِ من اللُّغويِّينَ لهذا المعنى لا يعني صِحَّةَ إنكارِهم، ولا يمتنعُ أنْ يكونَ هذا اللَّفظُ بهذا المعنى مِمَّا اشتركتْ فيه اللُّغاتُ فكادَ أنْ يَنْدَرِسَ منْ لغةِ العربِ وبقيَ في اللُّغاتِ التي لها صِلَّةٌ بالعربيَّةِ؛ كالعبريَّةِ التي بقِيَ فيها هذا المدلولُ، وهو يطلقُ على اللهِ سبحانَه، فَحَفِظَ هؤلاء السَّلفُ هذا المعنى وعَلِمُوه، ومنْ حفِظَ حُجَّةٌ على مَنْ لمْ يَحْفَظْ.
ومِمَّا يُستأنسُ به في هذا أنَّ بعضَ الأسماءِ العربيَّةِ كانتْ تنتهي بإلٍّ أو إيلٍ، قالَ ابنُ دُرَيدٍ (ت:321): «قال ابنُ الكَلْبِيِّ [2]: كُلُّ اسمٍ في العربِ آخرُهُ إلٌّ أو إيلٌ، فهو مضافٌ إلى اللهِ عزّ وجل؛ نَحْوُ: شُرَحْبيلَ، وعبدِ يَالِيلَ، وشَرَاحِيلَ، وشِهْمِيلَ، وما أشبَهَ هذا ... وقدْ كانتِ العربُ ربَّما تجيءُ بالإلِّ في معنى اسمِ اللهِ جَلَّ وَعَزَّ، قالَ أبو بكرٍ الصِّدِّيقُ رضي الله عنه ـ لما تُلِيَ عليه سَجْعُ مُسَيلِمَةَ ـ: إنَّ هذا شيءٌ ما جاءَ مِنْ إلٍّ ولا بِرٍّ، فأينَ ذهبَ بكم؟!» [3]. [1] معاني القرآن وإعرابه، للزجاج (2:433 - 434). وأنكره النحاس لِلْعِلَّةِ نفسِها، ينظر: معاني القرآن (3:187).
وقال الراغب الأصفهاني: «وإلٌّ، وإيل: اسم الله تعالى، وليس ذلك بصحيح».
مفردات ألفاظ القرآن (ص:81).
وقال السهيلي في الروض الأُنف: «وأمَّا الإلُّ في قوله تعالى: {إِلاًّ وَلاَ ذِمَّةً} فحذارِ أن تقولَ اسمُ اللهِ تعالى، فتُسَمِّيَ اللهَ باسمٍ لم يُسَمِّ به نفسَهُ، ألا ترى أنَّ أسماءَ اللهِ معرفةً، وإلٌّ نكرةٌ، وإنما الإلُّ: كلُّ ما له حرمة وحقٌّ؛ كالقرابة والرَّحِمِ والجِوارِ والعَهْدِ». الروض الأنف، تحقيق: الوكيل (2:402). [2] هو هشام ابن المفسر محمد بن السائب الكلبي، وستأتي ترجمته. [3] جمهرة اللغة (1:59).
اسم الکتاب : التفسير اللغوي للقرآن الكريم المؤلف : الطيار، مساعد الجزء : 1 صفحة : 607