اسم الکتاب : التفسير اللغوي للقرآن الكريم المؤلف : الطيار، مساعد الجزء : 1 صفحة : 548
السَّيرِ؛ معناه: لو كانَ يعقلِ لَشَكَا، ولكنَّه لا يعقلُ ولا يَشْكُو» [1].
فانظرْ إلى هذه التأويلاتِ العجيبةِ التي تُخرجُ النَّصَّ عن ظاهرِه! اللهُ سبحانه يقول: {إِنَّا عَرَضْنَا الأَمَانَةَ عَلَى السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ وَالْجِبَالِ} وهؤلاء يقولون: عَرَضَهَا على أهلِهَا، والآخرونَ يقولونَ: لم يَعْرِضْهَا، وقدْ صَرَّحَ بعضُهم بهذا، فقالَ: «ما عرضَ اللهُ ـ جلَّ ذِكْرُهُ ـ الأمانةَ على السمواتِ والأرضِ قَطُّ، وإنما هو من المجازِ على قولِ العربِ: عَرَضْتُ الحِمْلَ على البعيرِ، فَأَبَى أنْ يَحْمِلَهُ؛ أيْ: وجدتُ البعيرَ لا يصلحُ للحَمْلِ وللعَرْضِ، فكذلك السَّمواتُ والأرضُ والجبالُ لا تصلحُ للأمانةِ ولا لِعَرْضِهَا عليها» [2].
وَتَجِدُهم في هذا المثالِ استخدموا أساليبَ العربِ وتوسُّعَها في الكلامِ لإخراجِ الكلامِ عن حقيقتِهِ إلى هذهِ التأويلاتِ المنكرةِ، لعدم استيعاب عقولهم الضيقة لهذا، ولو كان ما قالوه صحيحاً، فما فائدةُ هذا الخطابِ إذاً؟!.
أمَّا السَّلفُ فقد حملوا الكلامَ على حقيقتِه [3]، وجعلوا الأمانةَ معروضةً على السَّمواتِ والأرضِ والجبالِ حقيقةً، وهو الصَّوابُ، إذ هذا الكلامُ لو كان يحتملُ المجازَ والحقيقةَ، لقُدِّمتِ الحقيقةُ على المجازِ؛ لأنها الأصلُ، كيف وهو لا يحتمل المجازَ في هذا الموضعِ، بدلالةِ تفسيرِ السَّلفِ له على الحقيقةِ، والله أعلم.
4 - في قوله تعالى: {يَوْمَ نَقُولُ لِجَهَنَّمَ هَلِ امْتَلأتِ وَتَقُولُ هَلْ مِنْ مَزِيدٍ} [ق: 30] تأويلاتٌ للمبتدعةِ، منها.
* أنَّ في الآيةِ حَذْفَ مضافٍ، والمعنى: يومَ نقولُ لِخَزَنَة جهنَّمَ ... ويقولُ خَزَنَةُ جهنَّمُ، فحذفَ الخَزَنَةَ وأقامَ جهنَّمَ مقامَهُم، كما تقولُ العربُ: [1] الأضداد، لابن الأنباري (ص:388)، واختار هذا التأويل الشريف المرتضى في أماليه (2:309). [2] الأضداد لابن الأنباري (ص:392). [3] ينظر: تفسير الطبري، ط: الحلبي (22:53 - 56).
اسم الکتاب : التفسير اللغوي للقرآن الكريم المؤلف : الطيار، مساعد الجزء : 1 صفحة : 548