اسم الکتاب : التفسير اللغوي للقرآن الكريم المؤلف : الطيار، مساعد الجزء : 1 صفحة : 358
وقد تفحَّصتُ كتاب أبي عبيدةَ (ت:210)، فلمْ أجدْ فيه شيئاً من هذه العقائدِ، فهل كانَ يتَّقي المجاهرةَ بذلكَ، كما وردت الرِّوايةُ عن تلميذه التَّوَّزيِّ [1]، قال: «دخلتُ على أبي عبيدة، وهو جالسٌ في مجلسِ مسجدِهِ وحده، ينكتُ في الأرضِ، فرفع رأسه إليَّ، وقال: من القائلُ ([2]):
أقُولُ لَهَا ـ وقَدْ جَشَأتْ وَجَشَاتْ ... مِنَ الأطْمَاعِ ـ: وَيْحَكِ لَنْ تُرَاعِي
فَإِنَّكِ لَو سَأَلْتِ بَقَاءَ يَوْمٍ، ... عَلَى الأجَلِ الَّذي لَكِ لَنْ تُطَاعِي
فقلتُ: قُطْريُّ بنُ الفُجَاءة الخارجيُّ [3].
قال: فضَّ اللهُ فاكَ، هلاَّ قُلتَ: لأميرِ المؤمنينَ أبي نعامةَ. قال لي: اجلسْ، واكتُمْ عليَّ ما سَمِعتَ مِنِّي.
قال: فما ذكرتُه حتَّى ماتَ» [4]. واللهُ أعلمُ.
فإن صحَّتْ هذه الروايةُ، فإنها تدلُّ على إبطانه لمعتقدِ الخوارجِ، ولذا لم يظهرْ في كتابِه ما يدلُّ على اعتقادِه مذهبَهم، واللهُ أعلم.
أمَّا تُهْمةُ الاعتزالِ، فيقول عنها الخُشَنِيُّ [5]: «كان أبو عبيدةَ مُسَّ ببعضِ [1] عبد الله بن محمد بن هارون، أبو محمد التَّوَّزِيُّ، قرأ كتاب سيبويه على الجرميِّ، وأخذ عن أبي عبيدة والأصمعيِّ، له كتاب الأضداد وغيره، توفي سنة (230)، ينظر: أخبار النحويين البصريين (ص:95 - 97)، إنباه الرواة (2:126). [2] الأبيات من مشهور شعره، وهي في مصادرَ كثيرةٍ، منها: شعراء الخوارج، تحقيق: إحسان عباس (ص:42 - 43)، وأمالي الشريف المرتضى (1:636)، وسمط اللآلي (1:575). [3] قُطْرِيُّ بنُ الفُجَاءَةِ من بني مازن، أبو نعامة، من قادة الخوارجِ الأزارقة، خرج زمن ولايةِ مصعب بن الزبيرِ للعراقِ، قتل في طبرستان سنة (78)، وقيل غيرها. ينظر: معجم الشعراء المخضرمين والأمويين (ص:374 - 375)، ومعجم الشعراء (ص:215). [4] مراتبُ النَّحويين (ص:78 - 79). وينظره في أمالي الشريف المرتضى (1:636). [5] محمد بن عبد السلام الخُشَني، من أهل جيَّان، رحل إلى المشرق، ولقي المازنيَّ =
اسم الکتاب : التفسير اللغوي للقرآن الكريم المؤلف : الطيار، مساعد الجزء : 1 صفحة : 358