اسم الکتاب : التفسير اللغوي للقرآن الكريم المؤلف : الطيار، مساعد الجزء : 1 صفحة : 337
العربي منَ الغريبِ والمعاني، ومنْ مجازِ ما اختُصِرَ، ومجازِ ما حُذِفَ، ومجازِ ما كُفَّ عنْ خَبَرِهِ، ومجازِ ما جاءَ لفظُهُ لفظ الواحدِ ووقَعَ على الجميعِ ...» [1].
وهناكَ وجهٌ آخرُ يُفْهَمُ من قولِه: «قالوا: إنما أنزلَ القرآنُ بلسانٍ عربيٍ مبينٍ، وتصْدَاقُ ذلكَ في آيةٍ منَ القرآنِ، وفي آيةٍ أخرى: {وَمَا أَرْسَلْنَا مِنْ رَسُولٍ إِلاَّ بِلِسَانِ قَوْمِهِ} [إبراهيم: 4]، فلمْ يَحْتَجِ السَّلفُ ولا الذينَ أدركوا وحيَهُ إلى النَّبي صلّى الله عليه وسلّم أنْ يسألوا عنْ معانيه؛ لأنَّهمْ كانوا عَرَبَ الألسنِ، فاستغنوا بعلمِهِم به عن المسألةِ عنْ معانيه، وعمَّا فيه مما في كلامِ العربِ مثلُه منَ الوجوهِ والتَّلخيصِ.
وفي القرآنِ مِثْلُ ما في الكلامِ العربي منْ وجوهِ الإعرابِ، ومن الغريبِ والمعاني، ومنَ المحتملِ: منْ مجازِ ما اخْتُصِرَ وفيه مضمرٌ ...» [2].
وكأنه يريدُ أنْ يقولَ: إنَّ مَنْ في زمانِه بحاجةٍ إلى بيانِ عربيَّتِهِ، بخلافِ منْ سَلَفهم مِنَ الصَّحابةِ والتَّابعينَ الذينَ كانوا عرباً يعلمونَ معانيه.
وإذا صَحَّ هذانِ الاستنتاجانِ، فإنهما يكونان سبباً واضحاً لتأليفِ أبي عبيدةَ (ت:210) مجازَ القرآنِ [3]، وأنَّه نَحَى بهِ النَّحْوَ العربيَّ. [1] مجاز القرآن (1:17 - 18). وينظر تفصيل هذه المجازات التي ذكرها في (1:8 - 16)، ويلاحظ أنَّ في المقدمة المطبوعة اضطراباً، والله أعلم. [2] مجاز القرآن (1:8). [3] يُذكرُ في كُتبِ التراجمِ قصَّةٌ في سببِ تأليف أبي عبيدة (210) لكتابه هذا، وملخَّصها: أنه قد سألَهُ إبراهيم بن إسماعيل الكاتب في مجلس الفضل بن الربيع، فقال: «قال الله عزّ وجل: {طَلْعُهَا كَأَنَّهُ رُؤُوسُ الشَّيَاطِينِ} [الصافات: 65]، وإنما يقعُ الوعدُ والإيعادُ بما عُرِفَ مثله، وهذا لم يُعرفْ، فقلتُ: إنما كلمَ اللهُ تعالى العربَ على قدرِ كلامِهم، أما سمعتَ قول امرئ القيس:
أيَقْتُلُنِي والمَشْرَفِيُّ مُضَاجِعِي ... وَمَسْنُونَةٌ زُرْقٌ كَأنْيَابِ أغْوَالِ
وهم لم يَروا الغولَ قطٌّ، ولكَّنهم لما كانَ أمرُ الغولَ يَهُولُهم به، فاستحسنَ =
اسم الکتاب : التفسير اللغوي للقرآن الكريم المؤلف : الطيار، مساعد الجزء : 1 صفحة : 337