responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : التفسير اللغوي للقرآن الكريم المؤلف : الطيار، مساعد    الجزء : 1  صفحة : 293
بأمثلةٍ تُوضِّحُها، وقدْ كانَ للمعاني نصيبٌ في هذا البيانِ، فقدْ أولاهُ الفرَّاءُ (ت:207) عنايَتَه، ووضَّح منه جملةً كثيرةً، وإن كان البيانُ النحويُّ لأساليب العرب أكثر، ومن الأساليب التي بينها في الخطاب القرآنيِّ، ما يأتي:
* الخِطَابُ بِالْمُسْتَقْبَلِ لأَمْرٍ قَدْ مَضَى:
قالَ الفرَّاءُ (ت:207): «وقولُه: {فَلِمَ تَقْتُلُونَ أَنْبِيَاءَ اللَّهِ مِنْ قَبْلُ} [البقرة: 91] يقول القائل: إنما (تقتلونَ) للمستقبلِ، فكيفَ قالَ: (من قبل)؟، ونحنُ لا نجيزُ في الكلامِ: أنَا أضربُك أمسِ، وذلكَ جائزٌ إذا أردتَ بـ (تفعلون) الماضيَ، ألا تَرى أنَّكَ تُعَنِّفُ الرجلَ بما سلفَ من فعلِه، فتقولُ: ويحكَ لِمَ تكذبْ؟ لم تُبَغِّضْ نفسَكَ إلى النَاسِ؟! ومثلُه قولُ اللهِ: {وَاتَّبَعُوا مَا تَتْلُوا الشَّيَاطِينُ عَلَى مُلْكِ سُلَيْمَانَ} [البقرة: 102]، ولَمْ يَقُلْ: ما تلتِ الشياطينُ. وذلكَ عربيٌّ كثيرٌ في الكلامِ، أنشدني بعضُ العربِ ([1]):
إذَا مَا انْتَسَبْنَا لَمْ تَلِدْنِي لَئِيمَةٌ
وَلَمْ تَجدِي مِنْ أَنْ تُقِرِّي بِهَا بُدَّا
فالجزاءُ للمستقبل، والولادة كلها قد مضت [2]، وذلكَ أَنَّ المعنى معروفٌ.
ومثلُه في الكلامِ: إذا نظرتَ في سِيرِ عمر [3] رحمه الله لم يسئْ، والمعنى؛ لم تجدْهُ أساءَ، فلمَّا كانَ أمرُ عمرَ لا يُشَكُّ في مُضِيِّه، لم يقعْ في الوهمِ أنه مستقبلٌ، فلذلكَ صلحَتْ {مِنْ قَبْلُ} مع قوله: {فَلِمَ تَقْتُلُونَ أَنْبِيَاءَ اللَّهِ مِنْ قَبْلُ}، وليس الذين خوطبوا بالقتلِ همُ القَتَلَةُ، إنَّما قَتَلَ الأنبياءَ أسلافُهُم الذين مضوا، فتولَّوهم على ذلك ورضوا به فَنُسِبَ القتلُ إليهم» [4].

[1] البيت منسوبٌ لزائدة بن صعصعة. ينظر: المعجم المفصل في شواهد اللغة العربية (2:175).
[2] يعني بالجزاء: قول الشاعر: إذا ما، والولادة في قول الشاعر: لم تلدني.
[3] أي: سيرة عمر.
[4] معاني القرآن للفراء (1:60 - 61).
اسم الکتاب : التفسير اللغوي للقرآن الكريم المؤلف : الطيار، مساعد    الجزء : 1  صفحة : 293
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست