responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : التفسير اللغوي للقرآن الكريم المؤلف : الطيار، مساعد    الجزء : 1  صفحة : 159
وقد حُكِيَ عن بعضِهم إنكارُ الاستشهادِ بالشِّعْرِ في تفسيرِ القرآنِ، وقالوا: «إذا فعلتم ذلك، جعلتم الشِّعْرَ أصلاً للقرآنِ.
وقالوا أيضاً: وكيفَ يجوزُ أن يُحْتَجَّ بالشِّعْرِ على القرآنِ، وقد قالَ اللهُ تعالى: {وَالشُّعَرَاءُ يَتَّبِعُهُمُ الْغَاوُونَ} [الشعراء: 224]، وقالَ النبيُّ صلّى الله عليه وسلّم: لأنْ يَمْتَلِئَ جَوفُ أحدِكم قيحاً حتى يَرِيَهُ، خيرٌ له منْ أنْ يَمْتَلِئَ شِعْراً؟» [1].
وهذا قولٌ ضعيفٌ، وقد ردَّ عليه ابنُ الأنباريِّ (ت:328) فقال: «فأمَّا ما ادَّعوه على النَّحويِّينَ مِنْ أنَّهم جعلوا الشِّعْرَ أصلاً للقرآنِ، فليس كذلك، إنَّمَا أرادوا أنْ يَتَبَيَّنُوا الحرفَ الغريبَ منَ القرآنِ بالشِّعْرِ؛ لأنَّ اللهَ يقولُ: {إِنَّا جَعَلْنَاهُ قُرْآناً عَرَبِيًّا} [الزخرف: 3]، وقالَ: {بِلِسَانٍ عَرَبِيٍّ مُبِينٍ} [الشعراء: 195].
وقال ابن عباس: «الشعر ديوان العرب». فإذا خَفِيَ عليهم الحَرْفُ من القرآنِ الذي أنزلَه اللهُ بلغةِ العربِ، رجعوا إلى ديوانها فالتمسُوا معرفةَ ذلك منه ...» [2].
وهذا الإنكارُ ـ كما ترى ـ لا دلالةَ عليه من نقلٍ ولا عقلٍ، وهو يدلُّ على عدمِ فَهْمِ قائِله، وعَمَلُ السَّلفِ ونَصُّ حبرِ الأمَّةِ ابنِ عباسٍ (ت:68) حجةٌ يستندُ إليها في هذه المسألةِ.

[1] إيضاح الوقف والابتداء، لابن الأنباري، تحقيق: محيي الدين رمضان (1:100).
والحديثُ أخرجه جماعة، منهم: البخاري ومسلم، ينظر: فتح الباري، ط: الريان (10:564)، وصحيح مسلم، تحقيق: محمد فؤاد عبد الباقي (4:1769 - 1770، رقم الحديث: 2257 - 2259).
ومعنى قوله صلّى الله عليه وسلّم «حتى يَرِيَهُ»: حتى يُفسِدَه.
والمعنى: لأن يفسدَ القيحُ جوفَ المرءِ خيرٌ له من أنْ يُفسِدَه بكثرةِ الشِّعرِ.
ينظر في معنى الحديث: الجامع لأحكام القرآن، للقرطبي (13:150 - 151)، والنهاية في غريب الحديث، لابن الأثير (5:178)، ولسان العرب، وتاج العروس، مادة (وري)، وفتح الباري (10:564).
[2] إيضاح الوقف والابتداء، لابن الأنباري (1:100).
اسم الکتاب : التفسير اللغوي للقرآن الكريم المؤلف : الطيار، مساعد    الجزء : 1  صفحة : 159
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست