اسم الکتاب : التفسير اللغوي للقرآن الكريم المؤلف : الطيار، مساعد الجزء : 1 صفحة : 105
ومما وردَ عنِ السَّلفِ منْ كُلِّيَّات في الألفاظِ القرآنيَّةِ ما يلي:
1 - عن مجاهدٍ (ت:104) قال: «كُلُّ ظَنٍّ في القرآنِ فهو علمٌ»، وفي روايةٍ: «يقين» [1].
هذا المعنى الذي ذكره مجاهدٌ (ت:104) للفظةِ الظَّنِّ هو أحدُ المعاني اللُّغويَّةِ لهذا اللفظِ، قالَ ابنُ فارسٍ (ت:395): «الظَّاءُ والنُّونُ: أصلٌ صحيحٌ يدلُّ على معنيين مختلفين: يقينٍ وشكٍّ.
فأمَّا اليقينُ، فقولُ القائلِ: ظَنَنْتُ ظَنًّا؛ أي: أَيْقَنْتُ. قَالَ اللهُ تَعَالَى: {الَّذِينَ يَظُنُّونَ أَنَّهُمْ مُلاَقُو اللَّهِ} [البقرة: 249] أرادَ ـ والله أعلمُ ـ: يوقنونَ، والعربُ تقولُ ذلك وتعرفُه، قال شاعرُهُم ([2]):
فَقُلْتُ لَهُمْ ظُنُّوا بِأَلْفَيْ مُدَجَّجٍ
سَرَاتُهُمْ فِي الفَارِسِيِّ المُسَرَّدِ
أرادَ: أَيْقِنُوا، وهو في القرآن كثير» [3].
2 - وعنْ سعيدِ بنِ جبيرٍ (ت:94) قالَ: «كُلُّ شيءٍ في القرآنِ إفكٌ فهو كَذِبٌ» [4].
وهذا الذي ذكرَه سعيدُ (ت:94) هو المعنى اللُّغويُّ لهذه اللفظةِ.
قال ابنُ فارسٍ (ت:395): «الهمزة والفاء والكاف: أصلٌ واحدٌ يدلُّ على قلبِ الشَّيءِ عن جهتِهِ، يقال: أَفِكَ الشَّيءُ، وأَفِكَ الرجلُ: إذا كذب. والإفكُ: الكذبُ ...» [5].
وبهذا تظهر علاقةُ هذينِ العلمينِ (الوجوه والنظائر، وكليات الألفاظ القرآنية) بالتَّفسيرِ اللُّغويِّ، وأنَّ المفسِّرَ الذي يسلكُ هذا السَّبيلَ لا بُدَّ أنْ يكونَ معتمداً على اللُّغةِ، وإن لم يَنُصَّ على ذلك، والله أعلم. [1] تنظر الروايتين عنه في تفسير الطبري، ط: الحلبي (1:262). [2] البيتُ لدريد بن الصُّمَّةِ، وهو في ديوانه (ص:60)، وهذا البيت ضمن قصيدة له من اختيار الأصمعي في الأصمعيات (ص:111 - 115). ومطلع البيت فيه: علانية ... [3] مقاييس اللغة (3:462). [4] أخرجه ابن أبي حاتم في تفسيره، تحقيق: أسعد الطيب (8:2663). [5] مقاييس اللغة (1:118).
اسم الکتاب : التفسير اللغوي للقرآن الكريم المؤلف : الطيار، مساعد الجزء : 1 صفحة : 105