اسم الکتاب : المحرر في أسباب نزول القرآن من خلال الكتب التسعة المؤلف : المزيني، خالد بن سليمان الجزء : 1 صفحة : 167
المبحث الثاني
الترجيح بتقديم السبب الموافق لِلفظ الآية على غيره
أسباب النزول التي نزلت بشأنها بعض آيات القرآن لوحِظ بعد تتبعها واستقرائها أنها تنحصر في نمطين:
الأول: الأقوال التي تقع من رسول اللَّه - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أو من أصحابه أو من غيرهم فكان اللَّه تعالى يجيبهم عنها تارةً بالتفصيل كما في قوله تعالى: (يَسْتَفْتُونَكَ قُلِ اللَّهُ يُفْتِيكُمْ فِي الْكَلَالَةِ إِنِ امْرُؤٌ هَلَكَ لَيْسَ لَهُ وَلَدٌ وَلَهُ أُخْتٌ فَلَهَا نِصْفُ مَا تَرَكَ ... ) الآية. فقد ثبت في الصحيح عن جابر بن عبد اللَّه - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا - قال: جاء رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يعودني وأنا مريض لا أعقل فتوضأ وصبَّ عليَّ من وضوئه، فعقلت، فقلت: يا رسول اللَّه لمن الميراث؟ إنما يرثني كلالة فنزلت آية الفرائض.
وتارة بالإجمال كما في قوله تعالى: (وَيَسْأَلُونَكَ عَنِ الرُّوحِ قُلِ الرُّوحُ مِنْ أَمْرِ رَبِّي وَمَا أُوتِيتُمْ مِنَ الْعِلْمِ إِلَّا قَلِيلًا). فقد ثبت في الصحيح أن سبب نزولها قول اليهود لبعضهم حين مر بهم رسول اللَّه - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - سلوه عن الروح، فقالوا: يا أبا القاسم حدثنا عن الروح، فنزلت الآية.
وتارةً بصرفهم عما سألوا وتنبيههم إلى الأهم كما في قوله تعالى: (يَسْأَلُونَكَ مَاذَا يُنْفِقُونَ قُلْ مَا أَنْفَقْتُمْ مِنْ خَيْرٍ فَلِلْوَالِدَيْنِ وَالْأَقْرَبِينَ وَالْيَتَامَى ... ) الآية. فالسؤال إنما وقع عن المنفَق، وجاء الجواب ببيان المنفَق عليه لأنه الأهم.
اسم الکتاب : المحرر في أسباب نزول القرآن من خلال الكتب التسعة المؤلف : المزيني، خالد بن سليمان الجزء : 1 صفحة : 167