responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : المدخل إلى علوم القرآن الكريم المؤلف : النبهان، محمد فاروق    الجزء : 1  صفحة : 39
أشمل من عالم المادة، وهو عالم غير محدود، يحيط بحياة الإنسان، ويفسر حركته الإنسانية.
ولو تأملنا قليلا في ظاهرة الغيب من خلال المنهج العقلي لوجدنا أن العقل لا يرفض هذه الظاهرة، ولا يستطيع إنكارها، وكلما رفض هذه الظاهرة لعدم قدرته على مشاهدتها وجد نفسه أمام آثار هذه الظاهرة وقرائن لا سبيل لإنكارها، تؤكد وجود عالم الغيب، وهو عالم الروح.
وتاريخ الأنبياء وقصصهم أصدق دليل على صدق ظاهرة النبوة، فلا يمكن بالقدرات البشرية المعتادة والمقاييس العقلية الكمية أن يحقق الأنبياء ما حققوه من معجزات إلا إذا سلمنا بصدق نبوتهم، وتعهد الله لهم بالرعاية والعناية، لكي يكتب لرسالتهم النجاح والتوفيق.
وظاهرة الوحي كما جاءت في كتب السيرة لا يمكن اعتبارها حالة ذاتية فردية ناتجة عن شعور قلق لدى محمد عند ما كان في غار حراء، ولو كانت كذلك لكانت مظاهرها واضحة، وكان المجتمع المكي يرقب الظاهرة بدقة، ويحاول أن يحاكمها من خلال معيار عقلي واضح، ولم يرفض ذلك المجتمع الظاهرة بالرغم من محاربته لما جاء به الوحي، ولم يعتبرها دالة على خلل في التكوين العقلي أو في التكوين النفسي، فلم تكن صورة محمد في أذهان قومه قبل البعثة معبرة عن ذلك الخلل، وكل الروايات التي جاءت في السيرة أكدت أن صورة محمد كانت في أعلى درجات الإشراف والكمال، فكان يثنى عليه في المجالس، ويحتكم إليه في المنازعات، ويؤخذ رأيه في موطن النصح والحكمة، ولما أمر بالدعوة، وجاء بالإسلام ودعا إلى نبذ ما كان عليه قومه من عبادة الأوثان، وتحركت القلوب تؤيده وتؤمن بما جاء به بدأت عواطف الكراهية والحسد تبرز ظاهرة معلنة عداءها للرسالة الجديدة، ولما تضمنته دعوة محمد من مبادئ وآراء وقيم.
ولا يمكن تصور الوحي الذي كان ينزل على محمد مجرد مشاعر وأحاسيس وتخيلات وأوهام أدت إليها عزلته الطويلة في غار حراء الموحش، وانصرافه عن الحياة الدنيا وتفرغه للعبادة وطاعة الله، واستغراقه في التأمل في مظاهر الحياة،

اسم الکتاب : المدخل إلى علوم القرآن الكريم المؤلف : النبهان، محمد فاروق    الجزء : 1  صفحة : 39
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست