اسم الکتاب : المنار في علوم القرآن مع مدخل في أصول التفسير ومصادره المؤلف : محمد علي الحسن الجزء : 1 صفحة : 33
فهناك معجزة موسى عليه السلام التي كانت في عصاه، وهي تتلاءم مع قوم برعوا في السّحر، إذ احترفوا السحر حرفة، ويدلنا على معرفة قومه بالسحر، تلك الآيات
القرآنية التي تحدثت عن فرعون ودعوته للسحرة في زمنه:
وَقالَ فِرْعَوْنُ ائْتُونِي بِكُلِّ ساحِرٍ عَلِيمٍ [يونس: 79].
وَأَرْسِلْ فِي الْمَدائِنِ حاشِرِينَ 111 يَأْتُوكَ بِكُلِّ ساحِرٍ عَلِيمٍ [الأعراف: 111 - 112].
وَابْعَثْ فِي الْمَدائِنِ حاشِرِينَ (36) يَأْتُوكَ بِكُلِّ سَحَّارٍ عَلِيمٍ [الشعراء: 36 - 37].
واستجاب له السحرة وَجاءَ السَّحَرَةُ فِرْعَوْنَ قالُوا إِنَّ لَنا لَأَجْراً إِنْ كُنَّا نَحْنُ الْغالِبِينَ [الأعراف: 113].
لقد وردت مشتقات كلمة سحر، فوردت كلمة ساحر (إفرادا)، والسحرة (جمعا)، ووردت بصيغة اسم الفاعل (ساحر)، واسم الفاعل الموصوف (ساحر عليم)، ووردت بصيغة المبالغة على وزن فعّال (سحّار)، كلّ هذا يشعرنا بما عليه القوم من علم بالسّحر وفنونه، وقوم هذا شأنهم أهل للتحدي الكبير في هذا المجال، وجعلت لهم المكافأة العظمى إن كانوا غالبين. وأيّة مكافأة أعظم من أن يكونوا من المقربين ... من الطاغوت العظيم إلههم فرعون ... لقد استجمعت جميع عناصر التحدي:
قالُوا يا مُوسى إِمَّا أَنْ تُلْقِيَ وَإِمَّا أَنْ نَكُونَ نَحْنُ الْمُلْقِينَ 115 قالَ أَلْقُوا فَلَمَّا أَلْقَوْا سَحَرُوا أَعْيُنَ النَّاسِ وَاسْتَرْهَبُوهُمْ وَجاؤُ بِسِحْرٍ عَظِيمٍ 116 وَأَوْحَيْنا إِلى مُوسى أَنْ أَلْقِ عَصاكَ فَإِذا هِيَ تَلْقَفُ ما يَأْفِكُونَ 117 فَوَقَعَ الْحَقُّ وَبَطَلَ ما كانُوا يَعْمَلُونَ 118 فَغُلِبُوا هُنالِكَ وَانْقَلَبُوا صاغِرِينَ 119 وَأُلْقِيَ السَّحَرَةُ ساجِدِينَ 120 قالُوا آمَنَّا بِرَبِّ الْعالَمِينَ 121 رَبِّ مُوسى وَهارُونَ 122 قالَ فِرْعَوْنُ آمَنْتُمْ بِهِ قَبْلَ أَنْ آذَنَ لَكُمْ إِنَّ هذا لَمَكْرٌ مَكَرْتُمُوهُ فِي الْمَدِينَةِ لِتُخْرِجُوا مِنْها أَهْلَها فَسَوْفَ تَعْلَمُونَ 123 لَأُقَطِّعَنَّ أَيْدِيَكُمْ وَأَرْجُلَكُمْ مِنْ خِلافٍ ثُمَّ لَأُصَلِّبَنَّكُمْ أَجْمَعِينَ 124 قالُوا إِنَّا إِلى رَبِّنا مُنْقَلِبُونَ [الأعراف: 115 - 125].
وهكذا وقع التحدي، وانتهى بإيمان السّحرة أجمعين بالله رب العالمين.
وقل مثل ذلك في معجزة عيسى عليه السلام، حين برع قومه في الطب، فجعل المعجزة من جنس ما عرفوا وبرعوا فيه، جعل الله على يد عيسى إحياء الموتى قبل
اسم الکتاب : المنار في علوم القرآن مع مدخل في أصول التفسير ومصادره المؤلف : محمد علي الحسن الجزء : 1 صفحة : 33