responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : المنار في علوم القرآن مع مدخل في أصول التفسير ومصادره المؤلف : محمد علي الحسن    الجزء : 1  صفحة : 312
فإذا صح الحديث عن الرسول صلّى الله عليه وسلّم أخذ به، وإذا ما ورد التفسير عن الصحابة والتابعين حاول أن يجمع بينها إن أمكن، وإلّا رجح أحد الأقوال بالدليل، بل يردها إذا كانت متعارضة، مثال ذلك ما أورده القرطبي في تفسير قوله تعالى: لابِثِينَ فِيها أَحْقاباً [النبأ: 23].
فقد نقل عن عمر وأبي هريرة أن الحقب ثمانون سنة، ونقل عن الحسن أنه سبعون ألف سنة، ونقل أقوالا كثيرة، ثم عقب في نهايتها بقوله: قلت: هذه أقوال متعارضة، والتحديد في الآية للخلود يحتاج إلى توقيف يقطع العذر، وليس ذلك بثابت عن النبي صلّى الله عليه وسلّم إنما المعنى ما ذكرنا أولا، أي: لابثين فيها أزمانا ودهورا، كلما مضى زمن يعقبه زمن، ودهر يعقبه دهر، وهكذا أبد الآبدين من غير انقطاع، هذا منهجه في التفسير بالمأثور.
أما منهجه في التفسير بالرأي فقد أجازه بعد أن ناقش أدلة القائلين بالمنع.

موقفه من القراءات المتواترة والشاذة:
نحن نعلم أن كل قراءة متواترة هي من القرآن، ولكن المفسرين قد وقفوا من القراءات القرآنية مواقف شتى، فمنهم من طعن في تلك القراءات المتواترة، كالطبري والزمخشري، ومنهم من رجّح قراءة على قراءة، ومنهم من سلك المسلك السليم، فلم يطعن ولم يرجح بل ساوى بينهما. ولقد سلك القرطبي مسلك المرجحين في القراءات كما في قراءة ملك يوم الدين ومالِكِ يَوْمِ الدِّينِ بعد أن ساق أدلة المرجحين لمالك على ملك أو العكس، قال القرطبي: وقد احتج بعضهم على أن مالكا أبلغ، لأن فيه زيادة حرف فلقارئه عشر حسنات زيادة عمن قرأ «ملك»، قلت:
هذا نظر إلى الصيغة لا إلى المعنى، وقد ثبتت القراءة بملك، وفيها من المعنى ما ليس بمالك على علمنا والله أعلم [1].
ونحن نرى أن ترجيح القرطبي ليس سليما، فقد أفتى العلماء بأن السلامة عند أهل الدين إذا صحت القراءتان أن لا يقال: إحداهما أجود، لأنهما جميعا عن النبي

[1] تفسير القرطبي 1/ 140 وما بعدها.
اسم الکتاب : المنار في علوم القرآن مع مدخل في أصول التفسير ومصادره المؤلف : محمد علي الحسن    الجزء : 1  صفحة : 312
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست