اسم الکتاب : المنار في علوم القرآن مع مدخل في أصول التفسير ومصادره المؤلف : محمد علي الحسن الجزء : 1 صفحة : 234
على أن ابن قتيبة وهو سابق لابن خلدون (من علماء القرن الثالث الهجري) قد قال القول السديد في هذه القضية: (إن العرب لا تستوي في المعرفة بجميع ما في القرآن من الغريب والمتشابه، بل إن بعضها يفضل في ذلك على بعض) [1].
بذلك يتبين لنا أن القرآن الكريم تبينه السنة النبوية، ولا يكفي في فهمه إدراك اللغة العربية وحدها.
القدر الذي بينته السنّة من القرآن:
هذا الموضوع مما تعددت فيه الأقوال واضطربت فيه الأفهام، فقال فريق من العلماء: إن الرسول صلّى الله عليه وسلّم لم يبين إلّا آيات قلائل، هذا القول ساقط من الاعتبار؛ لضعف سنده أولا، ومخالفته لأبسط البدهيات الشرعية والعقلية معا، وفي المقابل لهذا الرأي نسب السيوطي ومحمد حسين الذهبي إلى أن ابن تيمية من الفريق القائل بأن النبي صلّى الله عليه وسلّم قد فسر كل القرآن، وذلك فهما من كلامه الذي سنورده لك، ونترك القارئ مع الدكتور إبراهيم خليفة وهو يرد على السيوطي والأستاذ الذهبي فهمهما.
يقول الدكتور إبراهيم رئيس قسم التفسير في كلية أصول الدين بالأزهر: حسما للخلاف لا بد من ذكر ما قاله ابن تيمية في مقدمته في أصول التفسير:
(فصل في أن النبي صلّى الله عليه وسلّم بين لأصحابه معاني القرآن)
يجب أن يعلم أن النبي صلّى الله عليه وسلّم بيّن لأصحابه معاني القرآن، كما بيّن لهم ألفاظه، فقوله تعالى: .. لِتُبَيِّنَ لِلنَّاسِ ما نُزِّلَ إِلَيْهِمْ .. [النحل: 44]. يتناول هذا وهذا.
وقد قال أبو عبد الرحمن السّلمي [2]: حدثنا الذين كانوا يقرءوننا القرآن- كعثمان ابن عفان وعبد الله بن مسعود وغيرهما- أنهم كانوا إذا تعلموا من النبي صلّى الله عليه وسلّم عشر آيات [1] قال ذلك في رسالته: المسائل والأجوبة، ص 8. [2] عبد الرحمن عبد الله بن حبيب الكوفي من كبار التابعين، ثبت لأبيه صحبة، كما قال ابن حجر في تقريب التهذيب.
اسم الکتاب : المنار في علوم القرآن مع مدخل في أصول التفسير ومصادره المؤلف : محمد علي الحسن الجزء : 1 صفحة : 234