responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : المنار في علوم القرآن مع مدخل في أصول التفسير ومصادره المؤلف : محمد علي الحسن    الجزء : 1  صفحة : 196

ويؤيد ذلك تأييدا واضحا أن الإمام البخاري وهو سيد المحدّثين في صحة سنده ترك هذين اللفظين (الشيخ والشيخة) وطرحهما من روايته عمدا كما قال شارحه الحافظ ابن حجر، وهذا يدل دلالة بينة على أن الإمام البخاري رحمه الله لم ير أن هذين اللفظين (الشيخ والشيخة) من الحديث، ولا أن النبي صلّى الله عليه وسلّم قالهما، لا على أنهما قرآن نزل ثم نسخ ولا على أنهما غير قرآن.
قال البخاري ح (6829): حدثنا علي بن عبد الله، حدثنا سفيان عن الزهري، عن عبيد الله عن ابن عباس رضي الله عنهما قال: قال عمر: لقد خشيت أن يطول بالناس زمان حتى يقول قائل:
لا نجد آية الرجم في كتاب الله، فيضلوا بترك فريضة أنزلها الله، ألا وإن الرجم حق على من زنى وقد أحصن إذا قامت البينة، أو كان الحمل أو الاعتراف- قال سفيان: كذا حفظت- ألا وقد رجم رسول الله صلّى الله عليه وسلّم ورجمناه بعده.
فهذا الحديث وهو من أعلى وأرفع الأسانيد، لم يذكر فيه (الشيخ والشيخة) ومعناه كلّه منصب على إثبات حد الرجم للمحصن، وهو أمر مجمع عليه من الأمة سلفها وخلفها، ولم يشذ عن هذا الإجماع إلّا طوائف من الخوارج والمعتزلة، فإنهم أنكروا حدّ الرجم، وقالوا: لم يكن الرجم في كتاب الله، وقول عمر: (فيضلوا بترك فريضة أنزلها الله)، يحتمل أن المراد من إنزال الله إياها وحيه بها إلى نبيه محمد صلّى الله عليه وسلّم وحيا غير قرآني، فتكون فريضة الرجم ثابتة بوحي السنة، ويدل لذلك قول عمر رضي الله عنه: (ألا وإن الرجم حقّ على من زنى وقد أحصن)، بل يجب حمل كلام عمر على هذا الوجه السديد.
وهذه الحقّية للرجم لا يلزم أن تكون ثابتة بنص قرآني، بل يكفي فيها أن تكون ثابتة عن النبي صلّى الله عليه وسلّم في حديث صحيح، كما يستفاد ذلك من قوله: «ألا وإني أوتيت الكتاب ومثله معه».
فالبخاري رحمه الله لم يذكر في روايته الثابتة الصحيحة (الشيخ والشيخة) لأنهما لم تثبتا عنده، لا لأنهما سقطتا من روايته، كما تقوّله عليه بعض من يجري وراء السراب.
وإخراج الإسماعيلي لهذا الحديث من طريق الفريابي عن شيخ البخاري علي بن عبد الله وفيه:
وقد قرأناها: (الشيخ والشيخة إذا زنيا فارجموهما البتة) لا يلزم البخاري صحة هذه الرواية، ولهذا قال ابن حجر: ولعل البخاري هو الذي حذف ذلك عمدا، ولكن ابن حجر لم يعلّل لتعمد ترك البخاري لهذين اللفظين، ولم يوجه تعمد البخاري حذفه لهذه الزيادة التي جاء بها من رواية الإسماعيلي من رواية جعفر الفريابي، والظاهر أنها لم تصح عند البخاري، ولذلك تعمد حذف هذين اللفظين.
ويؤيد صنيع البخاري في تعمده حذف هذه الزيادة لعدم صحتها عنده أن النسائي أخرج هذا الحديث عن محمد بن منصور، عن سفيان كرواية أبي جعفر الفريابي، أي بزيادة (الشيخ والشيخة) وقد عقب النسائي على ذلك فقال: ما أعلم أحدا ذكر في هذا الحديث (الشيخ والشيخة)، غير سفيان، وينبغي أن يكون وهم في ذلك، ويؤيد توهيم النسائي لسفيان في ذكر
اسم الکتاب : المنار في علوم القرآن مع مدخل في أصول التفسير ومصادره المؤلف : محمد علي الحسن    الجزء : 1  صفحة : 196
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست