اسم الکتاب : المنار في علوم القرآن مع مدخل في أصول التفسير ومصادره المؤلف : محمد علي الحسن الجزء : 1 صفحة : 186
ثالثا- النسخ بمعنى البدل: ذكره ابن منظور عن ابن الأعرابي في لسان العرب فقال: إن النسخ تبديل الشيء من الشيء وهو غيره، والنسخ أيضا نقل الشيء من مكان إلى مكان وهو هو، فهو يفرّق بين التبديل والنقل، في نقل الشيء عينه من مكان إلى آخر دون تغيير.
وقد اختلف علماء اللغة في المعنى الحقيقي والمجازي للنسخ، فقال بعضهم:
إن الإزالة هي المعنى الحقيقي، والمعاني الأخرى مجازية، ومنهم من عكس، والخلاف يطول استقصاؤه ولا يترتب عليه أثر يذكر.
معنى النسخ شرعا:
اختلف مؤلفو علوم القرآن والأصول في تعريف النسخ، فمن قائل بأن النسخ «هو إبطال الحكم المستفاد من نص سابق بنص لاحق».
ومن قائل: (إنه خطاب الشارع المانع من استمرار ما ثبت من حكم شرعي سابق).
ومن قائل: (هو رفع الحكم الشرعي لخطاب شرعي).
وأقوال أخرى لا تخلو من مقال ورشق نبال، وأولى الأقوال وأقربها للصواب أن النسخ (هو رفع الحكم الشّرعي بدليل شرعي متأخر).
ما يستفاد من هذا التعريف:
1 - أن يكون الحكم المنسوخ شرعيا، فلا ينطبق ذلك في رفع الأحكام المبتناة على البراءة الأصلية، أو العادات والأعراف الجاهلية، أو الأحكام العقلية، هذا ما يفيده رفع الحكم الشرعي.
2 - أن يكون الناسخ شرعيا كذلك، فالشرع لا ينسخ إلّا بالشرع، فلا يصح أن يكون العقل ناسخا لحكم الشرع، كما هي الحال الآن في آفة المفتونين الذين ينسخون الأحكام الشرعية وفقا لمقتضيات العقل، مؤولين ذلك بالمصالح والمنافع.
3 - أن يكون الناسخ متراخيا عن المنسوخ، فإذا كان الخطاب المرفوع حكمه مقيدا بوقت معين كقوله تعالى: .. ثُمَّ أَتِمُّوا الصِّيامَ إِلَى اللَّيْلِ .. [البقرة: 187]. فإن
اسم الکتاب : المنار في علوم القرآن مع مدخل في أصول التفسير ومصادره المؤلف : محمد علي الحسن الجزء : 1 صفحة : 186