اسم الکتاب : النكت في إعجاز القرآن المؤلف : الرماني، أبو الحسن الجزء : 1 صفحة : 77
التنغيص والتكدير , وإنما صار الحذف في مثل هذا أبلغ من الذكر لأن النفس تذهب فيه كل مذهب , ولو ذكر الجواب لقصر على الوجه الذي تضمنه البيان , فحذف الجواب في قولك: لو رأيت عليًا بين الصفين , أبلغ من الذكر لما بيناه.
وأما الإيجاز بالقصر دون الحذف فهو أغمض من الحذف وإن كان الحذف غامضًا , للحاجة إلى العلم بالمواضع التي يصلح فيها من المواضع التي لا يصلح , فمن ذلك: {ولكم في القصاص حياة} , ومنه {يحسبون كل صيحة عليهم} , ومنه {وأخرى لم تقدروا عليها قد أحاط الله بها} ومنه {إن يتبعون إلا الظن وما تهوى الأنفس} , ومنه {إنما بغيكم على أنفسكم} ومنه: {ولا يحيق المكر السيئُ إلا بأهله}
وهذا الضرب من الإيجاز في القرآن كثير , وقد استحسن الناس من الإيجاز قولهم: القتل أنفى للقتل , وبينه وبين لفظ القرآن تفاوت في البلاغة والإيجاز , وذلك يظهر من أربعة أوجه: إنه أكثر في الفائدة , وأوجز في العبارة وأبعد من الكلفة بتكرير الجملة , وأحسن تأليفًا بالحروف المتلائمة. أما الكثرة في الفائدة فيه ففيه كل ما في قولهم: القتل أنفى للقتل , وزيادة معان حسنة , منها إبانة العدل لذكره القصاص , ومنها
اسم الکتاب : النكت في إعجاز القرآن المؤلف : الرماني، أبو الحسن الجزء : 1 صفحة : 77