responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : تاريخ نزول القرآن المؤلف : محمد رأفت سعيد    الجزء : 1  صفحة : 54
ودليلهم ما رواه مسلم عن ابن عباس رضي الله عنه ولكن يرد على ذلك بأن هذه السورة آخر ما نزل مشعرا بوفاة النبى صلّى الله عليه وسلم، ويؤيد هذا ما روى عن أنه صلّى الله عليه وسلم قال حين نزلت: «نعيت إلىّ نفسى». وفهم بعض كبار الصحابة ذلك كما ورد وأن عمر رضي الله عنه بكى حين سمعها وقال: الكمال دليل الزوال، كما يحتمل كذلك أنها آخر ما نزل من السور فقط، ويدل على ذلك رواية ابن عباس: آخر سورة نزلت من القرآن جميعا: إِذا جاءَ نَصْرُ اللَّهِ وَالْفَتْحُ (1) [النصر].
الحادى عشر: يرى أصحابه أن آخر ما نزل قوله تعالى: الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الْإِسْلامَ دِيناً [المائدة: 3] من سورة المائدة ودليلهم على ذلك أنها منبئة بكمال الدين وتمام النعمة، ولأن إكمال الدين لا يكون إلا بأن تتم الأحكام والشرائع، ولا يكون هذا إلا بتمام نزول القرآن، ولكن يجاب عن هذا بأن هذه الآية الكريمة نزلت فى يوم عرفة فى حجة الوداع بالسنة العاشرة من الهجرة، وتوفى رسول الله صلّى الله عليه وسلم بعد ذلك ببضع وثمانين ليلة، فإذا تذكرنا ما قلناه سابقا من أن قوله تعالى:
وَاتَّقُوا يَوْماً تُرْجَعُونَ فِيهِ إِلَى اللَّهِ ثُمَّ تُوَفَّى كُلُّ نَفْسٍ ما كَسَبَتْ وَهُمْ لا يُظْلَمُونَ (281) [البقرة] قد عاش النبى صلّى الله عليه وسلم بعد نزولها تسع ليال ثم مات لليلتين خلتا من ربيع الأول عرفنا أن الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ ليست آخر ما نزل وترجح أن قوله تعالى: وَاتَّقُوا يَوْماً تُرْجَعُونَ فِيهِ إِلَى اللَّهِ هى آخر ما نزل، وأما تأويل إكمال الدين وإتمام النعمة فهو إنجاحه وإقراره وإظهاره على الدين كله ولو كره الكافرون، ولا شك أن الإسلام فى حجة الوداع قد ظهرت شوكته وعلت كلمته على كلمة الشرك وضربه الكفر وجنده، والنفاق وأهله حتى لقد أجلى المشركون عن البلد الحرام ولم يخالطوا المسلمين فى الحج والإحرام. قال ابن جرير فى تفسير الآية الكريمة: «الأولى أن يتأوّل على أنه أكمل لهم دينهم بإقرارهم بالبلد الحرام وإجلاء المشركين عنه حتى حجه المسلمون لا يخالطهم المشركون». وأيد هذا التأويل بما رواه عن ابن عباس: قال: «كان المشركون والمسلمون يحجون جميعا فلما نزلت سورة «براءة» نفى المشركون عن البيت وحج المسلمون لا يشاركهم فى البيت الحرام أحد من المشركين. فكان ذلك من تمام النعمة». وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي [المائدة: 3].
وبعد تحديد أول ما نزل وآخر ما نزل، وقبل أن نرتع فى رياض الجنة بتتبع نزول الآيات القرآنية الكريمة من قوله تعالى: بسم الله الرحمن الرحيم اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ الَّذِي

اسم الکتاب : تاريخ نزول القرآن المؤلف : محمد رأفت سعيد    الجزء : 1  صفحة : 54
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست