responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : تاريخ نزول القرآن المؤلف : محمد رأفت سعيد    الجزء : 1  صفحة : 329
سبحانه فى قوله الكريم: إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ سَيَجْعَلُ لَهُمُ الرَّحْمنُ وُدًّا (96) ولقد أخرج ابن جرير وابن المنذر وابن مردويه عن عبد الرحمن ابن عوف أنه لما هاجر إلى المدينة وجد فى نفسه على فراق أصحابه بمكة منهم شيبة بن ربيعة وعتبة بن ربيعة وأمية بن خلف فأنزل الله: إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ ... الآية وهذه الرواية لا تستقيم ولا تصح، لأن السورة الكريمة كما ذكرنا من قبل مكية كلها، وقال ابن كثير معلقا على هذه الرواية: وهو خطأ، فإن السورة مكية بكمالها لم ينزل شىء منها بعد الهجرة، ولم يصح سند ذلك [1].
وأخرج الطبرانى وابن مردويه عن ابن عباس قال: نزلت فى علىّ بن أبى طالب إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ سَيَجْعَلُ لَهُمُ الرَّحْمنُ وُدًّا (96) قال: محبة فى قلوب المؤمنين. وأخرج ابن مردويه والديلمى عن البراء قال: قال رسول الله صلّى الله عليه وسلم لعلىّ: «قل اللهم اجعل لى عندك عهدا واجعل لى عندك ودّا واجعل لى فى صدور المؤمنين مودة» فأنزل الله الآية فى على وأخرج عبد الرزاق والفريابى وعبد بن حميد وابن جرير عن ابن عباس: «ودا» قال: محبة فى الناس فى الدنيا. وأخرج الحكيم الترمذى وابن مردويه عن علىّ قال: سألت رسول الله صلّى الله عليه وسلم عن قوله: سَيَجْعَلُ لَهُمُ الرَّحْمنُ وُدًّا (96) ما هو؟ قال: «المحبة الصادقة فى صدور المؤمنين» وثبت فى الصحيحين وغيرهما من حديث أبى هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلّى الله عليه وسلم قال: «إذا أحب الله عبدا نادى جبريل إنى قد أحببت فلانا فأحبّه فينادى فى السماء، ثم ينزل له المحبة فى أهل الأرض فذلك قوله: إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ سَيَجْعَلُ لَهُمُ الرَّحْمنُ وُدًّا (96) وإذا أبغض الله عبدا نادى جبريل إنى قد أبغضت فلانا فينادى فى أهل السماء، ثم ينزل له البغضاء فى الأرض».
وتجمل الآيتان الأخيرتان من سورة مريم ما قصّه الله لرسوله صلّى الله عليه وسلم فى كتابه الكريم من أنباء السابقين ممن اصطفاهم الله من خلقه، وكيف كان صلاحهم، وممن خالف وكفر وصار ذلك ميسّرا لمن أراده يبشّر به المتقون وينذر به المبطلون، كما تقدّم عبرة التاريخ التى يجدونها والتى ينبغى أن يفيدوا منها فقد أهلك هؤلاء من قوم نوح وعاد وثمود وغيرهم من المعاندين المكذبين لما استمروا فى طغيانهم فلا صوت لهم ولا حركة، قال تعالى: فَإِنَّما يَسَّرْناهُ بِلِسانِكَ لِتُبَشِّرَ بِهِ الْمُتَّقِينَ وَتُنْذِرَ بِهِ قَوْماً لُدًّا (97) وَكَمْ أَهْلَكْنا قَبْلَهُمْ مِنْ قَرْنٍ هَلْ تُحِسُّ مِنْهُمْ مِنْ أَحَدٍ أَوْ تَسْمَعُ لَهُمْ رِكْزاً (98).

[1] فتح القدير 3/ 345.
اسم الکتاب : تاريخ نزول القرآن المؤلف : محمد رأفت سعيد    الجزء : 1  صفحة : 329
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست