responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : تاريخ نزول القرآن المؤلف : محمد رأفت سعيد    الجزء : 1  صفحة : 324
مع سمع قوى وبصر قوى يقفون بهما على الحقائق يبقى الظالمون فى ضلالهم المبين لا يستطيعون عودة لتصحيح عقيدة أو سلوك: أَسْمِعْ بِهِمْ وَأَبْصِرْ يَوْمَ يَأْتُونَنا لكِنِ الظَّالِمُونَ الْيَوْمَ فِي ضَلالٍ مُبِينٍ (38) وَأَنْذِرْهُمْ يَوْمَ الْحَسْرَةِ إِذْ قُضِيَ الْأَمْرُ وَهُمْ فِي غَفْلَةٍ وَهُمْ لا يُؤْمِنُونَ (39) وأىّ حسرة أشد ممن يقع فى هذا الوعيد ويفوته رضا الله وجنته وسيتحقق سخطه وعذابه ولا يستطيع الرجوع ليستأنف العمل: إِنَّا نَحْنُ نَرِثُ الْأَرْضَ وَمَنْ عَلَيْها وَإِلَيْنا يُرْجَعُونَ (40).
وأخرج البخارى ومسلم وغيرهما عن أبى سعيد الخدرى رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلّى الله عليه وسلم: «إذا دخل أهل الجنة الجنة وأهل النار النار يجاء بالموت كأنه كبش أملح فيوقف بين الجنة والنار، فيقال: يا أهل الجنة هل تعرفون هذا؟ فيشرئبون وينظرون إليه فيقولون: نعم هذا الموت، وكلهم قد رآه، فيؤمر به فيذبح ويقال: يا أهل الجنة خلود فلا موت، ويا أهل النار خلود فلا موت، ثم قرأ رسول الله صلّى الله عليه وسلم: وَأَنْذِرْهُمْ يَوْمَ الْحَسْرَةِ ... الآية وأشار بيده، قال: أهل الدنيا فى غفلة» [1]. وأخرج النسائى وابن أبى حاتم وابن مردويه عن أبى هريرة مرفوعا نحوه.
وفى تجلية هذه الحقائق للناس تخليص للإيمان من الشوائب التى ضل فيها البشر من اتخاذ الشركاء، أو من نسبة الولد إلى الله سبحانه فأى ضلال أبين من أن يعتقد المرء فى إنسان حمله الرحم وأكل وشرب وأحدث واحتاج أنه إله أو ابن لله، وينسى أن الله سبحانه قادر يفعل ما يشاء وإذا أراد أمرا فإنما يقول له كن فيكون.
وبعد وقوفنا عند قصة مريم وابنها عيسى عليهما السلام وتصحيح المفاهيم نحوهما، والوقوف على مظاهر قدرة الله فى خلقه وفى كلامه فى المهد، وفى تقريره لعبوديته لله سبحانه- تذكر الآيات الكريمة المنزلة بعد ذلك قصة إبراهيم عليه السّلام وما كان من موقفه مع أبيه الذى وقع فى الشرك، فعبد ما لا يسمع ولا يبصر ولا يغنى عنه شيئا وكيف تلطف إبراهيم عليه السّلام فى دعوته لأبيه فقدمها فى رفق وضمّنها حججه القوية، وحذّره من عبادة الشيطان بطاعته كما أنذره وخوّفه من عذاب الله، وكان موقف أبيه الإعراض والتهديد لإبراهيم بالرجم، قال تعالى فى بيان ذلك لرسوله صلّى الله عليه وسلم حتى يدرك الناس حرص الابن على هداية أبيه وكيف يكون الإعراض من الأب، وأن عاقبة الطاعة لله الخير والبركة وعاقبة الكفر العذاب والهلاك: وَاذْكُرْ فِي الْكِتابِ إِبْراهِيمَ إِنَّهُ كانَ صِدِّيقاً نَبِيًّا (41) إِذْ قالَ لِأَبِيهِ يا أَبَتِ لِمَ تَعْبُدُ ما لا يَسْمَعُ وَلا يُبْصِرُ وَلا يُغْنِي عَنْكَ شَيْئاً (42) يا أَبَتِ إِنِّي قَدْ جاءَنِي مِنَ الْعِلْمِ ما لَمْ يَأْتِكَ فَاتَّبِعْنِي أَهْدِكَ صِراطاً سَوِيًّا (43) يا أَبَتِ لا تَعْبُدِ الشَّيْطانَ إِنَّ الشَّيْطانَ كانَ

[1] فتح القدير 3/ 334، 335.
اسم الکتاب : تاريخ نزول القرآن المؤلف : محمد رأفت سعيد    الجزء : 1  صفحة : 324
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست