responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : تاريخ نزول القرآن المؤلف : محمد رأفت سعيد    الجزء : 1  صفحة : 313
سورة «فاطر»
نزلت بعد سورة الفرقان، وهى مكية، قال القرطبى: فى قول الجميع، وأخرج البخارى وابن مردويه والبيهقى فى الدلائل عن ابن عباس رضي الله عنهما قال: أنزلت سورة فاطر بمكة.
وتوجه السورة الكريمة أنظارنا من الآية الأولى فيها إلى جملة من المعانى التى توقظ فى القلب الإحساس بالنعم، والعرفان بالجميل من الخيرات التى منّ الله بها على خلقه والتى تقتضى إفراد الخالق الرازق المنعم المتفضل على خلقه بالعبودية فلا إله إلا هو سبحانه. فالآية الأولى تعلمنا هذا المعنى من تقدير النعم والثناء على المنعم سبحانه الْحَمْدُ لِلَّهِ، ويقترن الحمد فى الآية الأولى وما بعدها من آيات السورة الكريمة بدلائل النعم ودلائل القدرة، لتؤكد معنى الحب والخشية، وليكون توجّه العباد إلى الله وحده رغبة ورهبة. فهو سبحانه فاطر السموات والأرض، وهو الذى جعل الملائكة بهذا الخلق العظيم وأرسلها لتنفيذ ما أمروا به فهو سبحانه على كل شىء قدير، ولا ينبغى لأحد من خلقه أن يتعلق بغيره سبحانه فرحمته تصل لمن شاء من خلقه لا يقوى على إمساكها أحد، وما يمسك فلا قوة تستطيع إرسال ذلك فهو سبحانه القاهر فوق عباده وهو الذى يضع الأشياء فى موضعها. فلا عبودية إلا له سبحانه. هذا المعنى الذى تفتتح به السورة الكريمة يدعّم فى السورة كلّها بعد ذلك، قال تعالى: الْحَمْدُ لِلَّهِ فاطِرِ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ جاعِلِ الْمَلائِكَةِ رُسُلًا أُولِي أَجْنِحَةٍ مَثْنى وَثُلاثَ وَرُباعَ يَزِيدُ فِي الْخَلْقِ ما يَشاءُ إِنَّ اللَّهَ عَلى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ (1) ما يَفْتَحِ اللَّهُ لِلنَّاسِ مِنْ رَحْمَةٍ فَلا مُمْسِكَ لَها وَما يُمْسِكْ فَلا مُرْسِلَ لَهُ مِنْ بَعْدِهِ وَهُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ (2).
ويأتى بعد ذلك الأمر الصريح بتذكر هذه النعم؛ لأن بعض الناس يمرّ بالآيات مرور الغافلين اللاهين، وبعضهم يغمر بالنعم فينسى المنعم سبحانه، ولذلك فإنه بعد ذكر السموات والأرض وما يتعلق بهما من آيات النعم والقدرة يقول الله تعالى: يا أَيُّهَا النَّاسُ اذْكُرُوا نِعْمَتَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ هَلْ مِنْ خالِقٍ غَيْرُ اللَّهِ يَرْزُقُكُمْ مِنَ السَّماءِ وَالْأَرْضِ لا إِلهَ إِلَّا هُوَ فَأَنَّى تُؤْفَكُونَ (3) فهو الخالق سبحانه ومظاهر الخلق دالة على كمال قدرته وهو الرازق سبحانه ولا رازق سواه فكيف يتوجه إلى غيره بالعبودية. فإذا حدث هذا ولم يفده مع بعض الناس التصريح بذلك فلا تحزن فقد حدث مثل هذا مع المرسلين قبلك: وَإِنْ يُكَذِّبُوكَ فَقَدْ كُذِّبَتْ رُسُلٌ مِنْ قَبْلِكَ وَإِلَى اللَّهِ تُرْجَعُ الْأُمُورُ (4).

اسم الکتاب : تاريخ نزول القرآن المؤلف : محمد رأفت سعيد    الجزء : 1  صفحة : 313
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست