اسم الکتاب : تاريخ نزول القرآن المؤلف : محمد رأفت سعيد الجزء : 1 صفحة : 301
الْأَرائِكِ مُتَّكِؤُنَ (56) لَهُمْ فِيها فاكِهَةٌ وَلَهُمْ ما يَدَّعُونَ (57) سَلامٌ قَوْلًا مِنْ رَبٍّ رَحِيمٍ (58) وَامْتازُوا الْيَوْمَ أَيُّهَا الْمُجْرِمُونَ (59) أَلَمْ أَعْهَدْ إِلَيْكُمْ يا بَنِي آدَمَ أَنْ لا تَعْبُدُوا الشَّيْطانَ إِنَّهُ لَكُمْ عَدُوٌّ مُبِينٌ (60) وَأَنِ اعْبُدُونِي هذا صِراطٌ مُسْتَقِيمٌ (61) وَلَقَدْ أَضَلَّ مِنْكُمْ جِبِلًّا كَثِيراً أَفَلَمْ تَكُونُوا تَعْقِلُونَ (62) هذِهِ جَهَنَّمُ الَّتِي كُنْتُمْ تُوعَدُونَ (63) اصْلَوْهَا الْيَوْمَ بِما كُنْتُمْ تَكْفُرُونَ (64) الْيَوْمَ نَخْتِمُ عَلى أَفْواهِهِمْ وَتُكَلِّمُنا أَيْدِيهِمْ وَتَشْهَدُ أَرْجُلُهُمْ بِما كانُوا يَكْسِبُونَ (65) وَلَوْ نَشاءُ لَطَمَسْنا عَلى أَعْيُنِهِمْ فَاسْتَبَقُوا الصِّراطَ فَأَنَّى يُبْصِرُونَ (66) وَلَوْ نَشاءُ لَمَسَخْناهُمْ عَلى مَكانَتِهِمْ فَمَا اسْتَطاعُوا مُضِيًّا وَلا يَرْجِعُونَ (67) ومن آيات القدرة المشاهدة فى خلق الإنسان أن الإنسان إذا بلغ ثمانين سنة- مثلا- تغير جسمه وضعفت قوته فطول العمر لا تتبعه زيادة فى القوة بل يصير الشباب هرما، والقوة ضعفا، والزيادة نقصا. إن الإنسان فى هذه السنن يرد إلى أرذل العمر. فالآية تذكر هؤلاء بأن من فعل هذا بكم قادر على بعثكم.
قال تعالى: وَمَنْ نُعَمِّرْهُ نُنَكِّسْهُ فِي الْخَلْقِ أَفَلا يَعْقِلُونَ (68).
وتستمر الآيات الكريمة في معالجة البعث والإحياء وإقناع الإنسان عقلا بالبعث وتحريكه قلبا ليعمل بمقتضى هذا الاقتناع وتتناول الآيات الذكر المنذر به صلّى الله عليه وسلّم ومعجزته، فدليل إعجازه هذا الذكر وهذا القرآن الكريم، وليس كما ألف الناس الشعر فما علّمه ربه الشعر وما ينبغى له. كما تذكر الآيات الكريمة أن من يفيد من الرسول صلّى الله عليه وسلّم هو من كان له قلب وفيه حياة، وأما الكافرون فلا ينتفعون وأمرهم عجب حيث يعيشون بين مظاهر النعم والقدرة، ولا يهتدون بل يتخذون من دون الله آلهة يستنصرون بها.
فالأنعام نعمة ودليل قدرة لخالقها سبحانه وتذليلها حتى يستطيع الناس جميعا الانتفاع بها مع قوتها وضخامتها كذلك، وما جعل فيها من منافع ومشارب كذلك أيضا فلماذا لا يشكرون ويستجيبون؟ وإذا كان هذا الموقف العجيب يحزن رسول الله صلّى الله عليه وسلّم فإن الآيات تسليه، قال تعالى: وَما عَلَّمْناهُ الشِّعْرَ وَما يَنْبَغِي لَهُ إِنْ هُوَ إِلَّا ذِكْرٌ وَقُرْآنٌ مُبِينٌ (69) لِيُنْذِرَ مَنْ كانَ حَيًّا وَيَحِقَّ الْقَوْلُ عَلَى الْكافِرِينَ (70) أَوَلَمْ يَرَوْا أَنَّا خَلَقْنا لَهُمْ مِمَّا عَمِلَتْ أَيْدِينا أَنْعاماً فَهُمْ لَها مالِكُونَ (71) وَذَلَّلْناها لَهُمْ فَمِنْها رَكُوبُهُمْ وَمِنْها يَأْكُلُونَ (72) وَلَهُمْ فِيها مَنافِعُ وَمَشارِبُ أَفَلا يَشْكُرُونَ (73) وَاتَّخَذُوا مِنْ دُونِ اللَّهِ آلِهَةً لَعَلَّهُمْ يُنْصَرُونَ (74) لا يَسْتَطِيعُونَ نَصْرَهُمْ وَهُمْ لَهُمْ جُنْدٌ مُحْضَرُونَ (75) فَلا يَحْزُنْكَ قَوْلُهُمْ إِنَّا نَعْلَمُ ما يُسِرُّونَ وَما يُعْلِنُونَ (76).
وتنبه الآيات الكريمة الإنسان إلى خلقه الأول وأنه من نطفة ونسيان هذا الخلق من أسباب إنكار البعث؛ لأن الإنسان لو تذكر كيف خلق من ماء مهين، ورأى مظاهر قدرة الله فى تحوّل الماء إلى علقة ثم إلى مضغة ثم خلق العظام المتعددة فى أشكالها وطبيعتها
اسم الکتاب : تاريخ نزول القرآن المؤلف : محمد رأفت سعيد الجزء : 1 صفحة : 301