اسم الکتاب : تاريخ نزول القرآن المؤلف : محمد رأفت سعيد الجزء : 1 صفحة : 298
القوية. فهذا رجل يسعى لنصح قومه ويأمرهم باتباع المرسلين ويذكر لهم أن المرسلين لا يريدون منهم مقابل دعوتهم أجرا وأنهم مهتدون، وكيف لا يعبد من خلقه ومن إليه المرجع وهو الذى بيده ملكوت كل شىء وليس للشركاء نفع ولا ضر. وعاقبة أمثال هذا الرجل الجنة ويتمنى هؤلاء أن يعرف القوم هذه العاقبة حتى يهتدوا. ولكنّ المكذبين لا ينتفعون حتى يقع بهم الهلاك، فليعتبر المخاطبون بالقرآن الكريم بهذا المثل.
وفى قوله تعالى: وَاضْرِبْ لَهُمْ مَثَلًا أَصْحابَ الْقَرْيَةِ إِذْ جاءَهَا الْمُرْسَلُونَ (13) إِذْ أَرْسَلْنا إِلَيْهِمُ اثْنَيْنِ فَكَذَّبُوهُما فَعَزَّزْنا بِثالِثٍ فَقالُوا إِنَّا إِلَيْكُمْ مُرْسَلُونَ (14) قالُوا ما أَنْتُمْ إِلَّا بَشَرٌ مِثْلُنا وَما أَنْزَلَ الرَّحْمنُ مِنْ شَيْءٍ إِنْ أَنْتُمْ إِلَّا تَكْذِبُونَ (15) قالُوا رَبُّنا يَعْلَمُ إِنَّا إِلَيْكُمْ لَمُرْسَلُونَ (16) وَما عَلَيْنا إِلَّا الْبَلاغُ الْمُبِينُ (17) قالُوا إِنَّا تَطَيَّرْنا بِكُمْ لَئِنْ لَمْ تَنْتَهُوا لَنَرْجُمَنَّكُمْ وَلَيَمَسَّنَّكُمْ مِنَّا عَذابٌ أَلِيمٌ (18) قالُوا طائِرُكُمْ مَعَكُمْ أَإِنْ ذُكِّرْتُمْ بَلْ أَنْتُمْ قَوْمٌ مُسْرِفُونَ (19) وَجاءَ مِنْ أَقْصَا الْمَدِينَةِ رَجُلٌ يَسْعى قالَ يا قَوْمِ اتَّبِعُوا الْمُرْسَلِينَ (20) اتَّبِعُوا مَنْ لا يَسْئَلُكُمْ أَجْراً وَهُمْ مُهْتَدُونَ (21) وَما لِيَ لا أَعْبُدُ الَّذِي فَطَرَنِي وَإِلَيْهِ تُرْجَعُونَ (22) أَأَتَّخِذُ مِنْ دُونِهِ آلِهَةً إِنْ يُرِدْنِ الرَّحْمنُ بِضُرٍّ لا تُغْنِ عَنِّي
شَفاعَتُهُمْ شَيْئاً وَلا يُنْقِذُونِ (23) إِنِّي إِذاً لَفِي ضَلالٍ مُبِينٍ (24) إِنِّي آمَنْتُ بِرَبِّكُمْ فَاسْمَعُونِ (25) قِيلَ ادْخُلِ الْجَنَّةَ قالَ يا لَيْتَ قَوْمِي يَعْلَمُونَ (26) بِما غَفَرَ لِي رَبِّي وَجَعَلَنِي مِنَ الْمُكْرَمِينَ (27) وَما أَنْزَلْنا عَلى قَوْمِهِ مِنْ بَعْدِهِ مِنْ جُنْدٍ مِنَ السَّماءِ وَما كُنَّا مُنْزِلِينَ (28) إِنْ كانَتْ إِلَّا صَيْحَةً واحِدَةً فَإِذا هُمْ خامِدُونَ
(29).
إن العباد تدركهم الحسرة فى الدنيا والآخرة إن استقبلوا دعوة الرسل بالاستهزاء، ولم يبصروا عبرة التاريخ وما حدث للسابقين عبر القرون، قال تعالى: يا حَسْرَةً عَلَى الْعِبادِ ما يَأْتِيهِمْ مِنْ رَسُولٍ إِلَّا كانُوا بِهِ يَسْتَهْزِؤُنَ (30) أَلَمْ يَرَوْا كَمْ أَهْلَكْنا قَبْلَهُمْ مِنَ الْقُرُونِ أَنَّهُمْ إِلَيْهِمْ لا يَرْجِعُونَ (31) وَإِنْ كُلٌّ لَمَّا جَمِيعٌ لَدَيْنا مُحْضَرُونَ (32).
وتقدم الآيات الكريمة بعد ذلك آيات بينات تجمع بين دلائل القدرة وتحقيق البعث الذى ينكره المكذبون. فالأرض الميتة يشاهدونها ويشاهدون الحياة تدب فيها، إن الذى أحياها هو الله القادر سبحانه وهو الذى أخرج منها حبا يأكل منه هؤلاء. أى أنهم يلمسون موتها ويلمسون حياتها بالرؤية والأكل وما يتبعه من حواس. وجعل الله سبحانه فيها ما يجدونه من جنات ومن عيون. ومع الإيمان بقدرة الخالق سبحانه الذى لا يعجزه شىء تنبه الآيات الكريمة إلى مظاهر النعمة فى هذه الآيات، فهذه الخيرات التى جعلها الله فى الأرض ليأكل منها هؤلاء وليؤدوا حق الشكر للمنعم جل جلاله،
اسم الکتاب : تاريخ نزول القرآن المؤلف : محمد رأفت سعيد الجزء : 1 صفحة : 298