responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : تاريخ نزول القرآن المؤلف : محمد رأفت سعيد    الجزء : 1  صفحة : 292
فى الجن. فنظرا لكون الجن يمثل للإنسان غيبا مجهولا فإن نظرة الناس إلى الجنّ شابها كثير من الأخطاء حيث تصور البعض من الناس أن الجن يعلم الغيب، واستعاذ بعض الإنس بالجن، واستعان بعضهم كالشعراء مثلا بالجن فى قرض الشعر، وهكذا نزلت سورة الجن لتبرز هذه المعانى المتصلة بالجن فهم أمة كالإنس منهم المؤمنون ومنهم غير ذلك، ومنهم المخدوعون بأكاذيب الإنس والجن عن الله سبحانه ونسبة الصاحب والولد إليه، تعالى عن ذلك علوا كبيرا، قال تعالى: قُلْ أُوحِيَ إِلَيَّ أَنَّهُ اسْتَمَعَ نَفَرٌ مِنَ الْجِنِّ فَقالُوا إِنَّا سَمِعْنا قُرْآناً عَجَباً [1] يَهْدِي إِلَى الرُّشْدِ فَآمَنَّا بِهِ وَلَنْ نُشْرِكَ بِرَبِّنا أَحَداً (2) وَأَنَّهُ تَعالى جَدُّ رَبِّنا مَا اتَّخَذَ صاحِبَةً وَلا وَلَداً [3] وَأَنَّهُ كانَ يَقُولُ سَفِيهُنا عَلَى اللَّهِ شَطَطاً (4) وَأَنَّا ظَنَنَّا أَنْ لَنْ تَقُولَ الْإِنْسُ وَالْجِنُّ عَلَى اللَّهِ كَذِباً (5).
وتذكر الآيات الكريمة بعد ذلك ما كان من استعاذة الإنس بالجن وعاقبة ذلك. قال الحسن وابن زيد وغيرهما: كان العرب إذا نزل الرجل بواد قال: أعوذ بسيد هذا الوادى من شرّ سفهاء قومه فيبيت فى جواره حتى يصبح فنزلت هذه الآية [1]: وَأَنَّهُ كانَ رِجالٌ مِنَ الْإِنْسِ يَعُوذُونَ بِرِجالٍ مِنَ الْجِنِّ فَزادُوهُمْ رَهَقاً (6) قال مقاتل: كان أول من تعوذ بالجن قوم من أهل اليمن، ثم من بنى حنيفة، ثم فشا ذلك فى العرب، فلما جاء الإسلام عاذوا بالله وتركوهم [1]، وأخرج ابن مردويه عن ابن عباس رضي الله عنهما قال: كان القوم فى الجاهلية إذا نزلوا بالوادى قالوا: نعوذ بسيد هذا الوادى من شرّ ما فيه، فلا يكون بشيء أشدّ ولعا منهم بهم فذلك قوله فَزادُوهُمْ رَهَقاً (6) [3].
كما تذكر الآيات الكريمة بعد ذلك وقوع بعض الجن فى التكذيب بالبعث قال تعالى: وَأَنَّهُمْ ظَنُّوا كَما ظَنَنْتُمْ أَنْ لَنْ يَبْعَثَ اللَّهُ أَحَداً (7).
كما تذكر الآيات تحصين السماء من استراق السمع وخاصة بعد بعثة النبى صلّى الله عليه وسلم قال تعالى: وَأَنَّا لَمَسْنَا السَّماءَ فَوَجَدْناها مُلِئَتْ حَرَساً شَدِيداً وَشُهُباً (8) وَأَنَّا كُنَّا نَقْعُدُ مِنْها مَقاعِدَ لِلسَّمْعِ فَمَنْ يَسْتَمِعِ الْآنَ يَجِدْ لَهُ شِهاباً رَصَداً (9).
وقد ذكر الإمام الشوكانى أنهم قد اختلفوا هل كانت الشياطين ترمى بالشهب قبل المبعث أم لا؟ فقال قوم: لم يكن ذلك. وحكى الواحدى عن معمر قال: قلت للزهرى: أكان يرمى بالنجوم فى الجاهلية؟ قال: نعم، قلت: أفرأيت قوله: وَأَنَّا كُنَّا نَقْعُدُ مِنْها ... الآية، قال: غلّظت وشدّد أمرها حين بعث محمد صلّى الله عليه وسلم. قال ابن قتيبة: إن الرجم قد كان قبل مبعثه ولكن لم يكن مثله فى شدة الحراسة بعد مبعثه

[1] فتح القدير 5/ 305.
[3] المرجع السابق 5/ 307.
اسم الکتاب : تاريخ نزول القرآن المؤلف : محمد رأفت سعيد    الجزء : 1  صفحة : 292
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست