responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : تاريخ نزول القرآن المؤلف : محمد رأفت سعيد    الجزء : 1  صفحة : 26
كيفية إتيان الوحى إلى النبى صلّى الله عليه وسلم
صلصلة الجرس:
ونتناول مرتبة أخرى وهى أنه كان يأتيه فى مثل صلصلة الجرس. فعن أم المؤمنين عائشة. رضي الله عنها أن الحارث بن هشام رضي الله عنه سأل رسول الله صلّى الله عليه وسلم فقال: يا رسول الله كيف يأتيك الوحى؟ فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «أحيانا يأتينى مثل صلصلة الجرس وهو أشده علىّ فيفصم عني وقد وعيت عنه ما قال، وأحيانا يتمثل لى الملك رجلا فيكلمني فأعي ما يقول»، قالت عائشة رضي الله عنه: ولقد رأيته ينزل عليه الوحى فى اليوم الشديد البرد فيفصم عنه وإن جبينه ليتفصد عرقا [1].
وصلصلة الجرس صوت الجرس، والصلصلة فى الأصل: صوت وقوع الحديد بعضه على بعض ثم أطلق على كل صوت له طنين، وقيل: هو صوت لا يدرك فى أول وهلة [2].
وهذه المرتبة هى أشد المراتب على رسول الله صلى الله عليه وسلم كما ذكر صلى الله عليه وسلم، ويذكر ابن حجر فى شرحه لقول النبى صلى الله عليه وسلم: «وهو أشده علىّ» أنه يفهم منه أن الوحى كله شديد، ولكن هذه الصفة أشدها، وهو واضح، ويذكر الحكمة فى ذلك؛ أن العادة جرت بالمناسبة بين القائل والسامع، وهى هنا إما باتصاف السامع بوصف القائل بغلبة الروحانية، وهو النوع الأول، وإما باتصاف القائل بوصف السامع وهو البشرية، وهو النوع الثانى، والأول أشد بلا شك، وقال شيخ الإسلام البلقينى: سبب ذلك أن الكلام العظيم له مقدمات تؤذن بتعظيمه للاهتمام به، وقال بعضهم: وإنما كان شديدا عليه ليستجمع قلبه، فيكون أوعى لما سمع، ومن مظاهر هذه الشدة: أن جبينه صلى الله عليه وسلم يتعصر عرقا فى اليوم الشديد البرد، ويتفصد مأخوذ من الفصد، وهو قطع العرق لإسالة الدم، فشبه جبينه بالعرق المفصود مبالغة فى كثرة العرق، وذكر العرق فى اليوم الشديد البرد دليل على كثرة المعاناة، والشدة عند نزول الوحى، لما فيه من مخالفة العادة، وهو كثرة العرق فى شدة البرد، فينزل من الرسول مثل حبات الفضة من العرق فى اليوم الشديد البرد، ومن مظاهر الشدة كذلك: أن راحلته صلى الله عليه وسلم لتبرك به إلى الأرض إذا كان راكبها.

[1] فتح البارى 1/ 18.
[2] المرجع السابق 1/ 20.
اسم الکتاب : تاريخ نزول القرآن المؤلف : محمد رأفت سعيد    الجزء : 1  صفحة : 26
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست