responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : تاريخ نزول القرآن المؤلف : محمد رأفت سعيد    الجزء : 1  صفحة : 223
بهذا فلما همّ أصحاب الفيل على تخريب البيت أرسل الله عليهم طيرا أبابيل ترميهم بحجارة من سجيل، فجعلهم كعصف مأكول، ويبين النبى صلّى الله عليه وسلم أن هذه الحرمة منذ خلق الله السموات والأرض وهى دائمة ومستمرة إلى يوم القيامة فيقول: «إن هذا البلد حرّمه الله يوم خلق السموات والأرض، وهو حرام بحرمة الله تعالى إلى يوم القيامة، وإنه لم يحل القتال فيه لأحد قبلى، ولم يحلّ لى إلا ساعة من نهار فهو حرام بحرمة الله إلى يوم القيامة لا يعضد شوكه ولا ينفّر صيده» متفق عليه [1]. وثبت فى الحديث أيضا أن رسول الله صلّى الله عليه وسلم قال: «يغزو هذا البيت جيش حتى إذا كانوا ببيداء من الأرض خسف بأولهم وآخرهم» الحديث [2].
ولذلك كان القاتل يمشى فى الحرم مع ولى المقتول، ويقف السّبع عن الظّبى ونحوه من الصيد إذا دخل الحرم وذلك بدعاء إبراهيم عليه السّلام إذ قال ما جاء فى كتاب
الله تعالى: رَبِّ اجْعَلْ هذا بَلَداً آمِناً وَارْزُقْ أَهْلَهُ مِنَ الثَّمَراتِ مَنْ آمَنَ مِنْهُمْ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ قالَ وَمَنْ كَفَرَ فَأُمَتِّعُهُ قَلِيلًا ثُمَّ أَضْطَرُّهُ إِلى عَذابِ النَّارِ وَبِئْسَ الْمَصِيرُ (126) [البقرة].
ولذلك لما تعلل المشركون بأنهم إن اتبعوا رسول الله صلّى الله عليه وسلم فإن هذه المكانة ستضيع كان من رد القرآن الكريم عليهم أن ذكر بهذه النعمة، وأنه سبحانه هو الذى منح المكان حرمة، ومنحه رزقا عظيما قال تعالى: وَقالُوا إِنْ نَتَّبِعِ الْهُدى مَعَكَ نُتَخَطَّفْ مِنْ أَرْضِنا أَوَلَمْ نُمَكِّنْ لَهُمْ حَرَماً آمِناً يُجْبى إِلَيْهِ ثَمَراتُ كُلِّ شَيْءٍ رِزْقاً مِنْ لَدُنَّا وَلكِنَّ أَكْثَرَهُمْ لا يَعْلَمُونَ (57) [القصص].
فالنعمتان عظيمتان: إطعام من جوع، وأمن من خوف، وذلك أن الله تعالى آمنهم بالحرم فلم يتعرّض لهم فى رحلتهم، فكان ذلك سببا لإطعامهم بعد ما كانوا فيه من الجوع. فالأمن بالحرم إن حضروا حماهم، وإن سافروا قيل: هؤلاء أهل الحرم فلا يعرض لهم أحد، قال ابن كثير رحمه الله: ثم أرشدهم إلى شكر هذه النعمة العظيمة فقال: فَلْيَعْبُدُوا رَبَّ هذَا الْبَيْتِ (3) أى فليوحدوه بالعبادة كما جعل لهم حرما آمنا وبيتا محرّما كما قال تعالى: إِنَّما أُمِرْتُ أَنْ أَعْبُدَ رَبَّ هذِهِ الْبَلْدَةِ الَّذِي حَرَّمَها وَلَهُ كُلُّ شَيْءٍ وَأُمِرْتُ أَنْ أَكُونَ مِنَ الْمُسْلِمِينَ (91) [النمل]. ثم يقول: فليفردوه بالعبادة وحده لا شريك له ولا يعبدوا من دونه صنما ولا ندا ولا وثنا. قال: ولهذا من

[1] حدائق الأنوار لابن الديبع 1/ 86.
[2] ابن كثير 3/ 215.
اسم الکتاب : تاريخ نزول القرآن المؤلف : محمد رأفت سعيد    الجزء : 1  صفحة : 223
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست