اسم الکتاب : جماليات المفردة القرآنية المؤلف : أحمد ياسوف الجزء : 1 صفحة : 92
القرآن به إلا تمجيد وتسبيح لله، وهو شاعر زاهد كأبي العتاهية، فلا يمكن الاعتماد على شائعات أدبية [1] - كما صنع الباحث- للنيل من رفعة الإعجاز الفني في أسلوب القرآن، وهي شائعات- إن صحت- كانت دليلا على سمو البيان القرآني على غيره.
فالبشر لا يمكن أن يأتوا بمثله لا في الصورة الأولى، ولا في الصورة الثانية، وذلك لأن الخالق عزّ وجلّ يقول عن كتابه: الر كِتابٌ أُحْكِمَتْ آياتُهُ ثُمَّ فُصِّلَتْ مِنْ لَدُنْ حَكِيمٍ خَبِيرٍ [2]، وقال تبارك وتعالى: وَلَوْ كانَ مِنْ عِنْدِ غَيْرِ اللَّهِ لَوَجَدُوا فِيهِ اخْتِلافاً كَثِيراً [3].
- الإجمال في التذوق السمعي:
ظلّت المصطلحات الموسيقية مجملة في بداية دراسة الإعجاز، وكان هذا أشبه بالداء الذي استشرى قرونا، ولقد ابتلي الرافعي وقطب وغيرهما بهذا الداء في عدم تفسير إعجابهما بكثير من الموسيقا التي لمحاها في القرآن، وكذلك القدماء الذين لم يكونوا على جهل بالتذوق السمعي، إنما لم تساعدهم المصطلحات التي اعتمدوها على كشف جمال الميزات الفنية في إطار تحليلي إلا ما ندر، وإن كانوا قد وصلوا في دراساتهم إلى جماليات سمعية من خلال التفكير بالفواصل، ودفاعهم عن القرآن في دحض شبهة الشعر، وقد ماثلوه بالشعر والنثر بمصطلحات نقدية، مثل: التوازن والانسجام والازدواج والتكرار، وردّ العجز على الصّدر، كل هذا كان مساهمة في دراسة الإيقاع، وقد نظروا إليه من ناحيته الشكلية.
إن وعي القدامى كان مغلّفا بكلمات تعارفوا عليها وتداولوها، ونتّخذ الخطّابي نموذجا منهم، إذ يقول: وأما ما ذكروه من قلة الغريب في ألفاظ القرآن، بالإضافة إلى الواضح، فليست الغرابة مما شرطناه في حدود البلاغة، [1] انظر ضيف، د. شوقي، 1960، الفن ومذاهبه في النثر العربي، ط/ 3، دار المعارف، بمصر، ص/ 281. [2] سورة هود، الآية: 1. [3] سورة النساء، الآية: 82.
اسم الکتاب : جماليات المفردة القرآنية المؤلف : أحمد ياسوف الجزء : 1 صفحة : 92