اسم الکتاب : جماليات المفردة القرآنية المؤلف : أحمد ياسوف الجزء : 1 صفحة : 81
وخمسين، مع أن آيات السورة خمس وأربعون، وفي سورة (ن) تكرر هذا الحرف أربع عشرة ومائة مرة، وآياتها اثنتان وخمسون، وجميع فواصل السورة تنتهي بهذا الحرف «ن» إلا عشر آيات تنتهي بالحرف ميم» [1].
والميم والنون متقاربان إذ يخرجان من الخيشوم مع الغنّة، وقد أشار محمد الحسناوي إلى إعجاز الفواتح الموسيقى في كتابه «الفاصلة في القرآن» [2] فهذه الفواتح للتحدّي والردّ على تهمة الشعر والكهانة.
لم يكتف القدامى بالمعاني الإشارية لهذه الحروف، فقد أكّد كثير منهم أنها وسائل تنبيه، إلا أن الغاية الموسيقية لم تعط حقّها في نظرتهم، على الرغم من دراستهم لطبيعة هذه الحروف، يقول السيوطي: «وقيل المقصود بها الإعلام بالحروف التي يتركب منها الكلام، فذكر منها أربعة عشر حرفا، وهي نصف جميع الحروف، وذكر من كل جنس نصفه، فمن حروف الحلق الحاء والعين والهاء، ومن التي فوقها الكاف والقاف، ومن الحرفين الشفويين الميم [3] ... ».
والقرآن يشير إلى تكوين العبارات في نسق موسيقي ممتع من خلال انتقائه للحروف المقطعة، وبذلك يكون معجزا للمشركين بسلاح كانوا يدركونه، خصوصا أن مسألة الفواتح أمر فريد من نوعه، لم يعرفوه في استعمالهم، ولا في أشعارهم، ولم يبلغنا أن القدامى توصلوا إلى فائدته الموسيقية إلا ما كان من الزركشي، فإنهم رصدوا هذه الحروف من خلال علم فقه اللغة، فعرفوا مخارجها، وإنّ من بعدهم بذلوا جهدا كبيرا في تطبيق صفات الحروف، فتوصلوا إلى هذا الرمز الموسيقى في القرآن.
ونستدل من القرآن على نموذجين من الجمال الموسيقى: [1] الزركشي، بدر الدين، البرهان: 1/ 221. [2] انظر الحسناوي، محمد، 1977، الفاصلة في القرآن، ط/ 1 دار الأصيل، حلب، ص/ 230، وراجع ابن قيّم الجوزية 1352 هـ، التّبيان في أقسام القرآن، ط/ 1، المكتبة التجارية، القاهرة، ص: 203. [3] السّيوطي جلال الدين، الإتقان: 2/ 21.
اسم الکتاب : جماليات المفردة القرآنية المؤلف : أحمد ياسوف الجزء : 1 صفحة : 81