اسم الکتاب : جماليات المفردة القرآنية المؤلف : أحمد ياسوف الجزء : 1 صفحة : 123
أخّاذ عميق التأثير.
ولربما أعيد هنا ما ذكر في فقرة التجسيم، ذلك لأن التّجسيم يقوم على استخدام مفردات الطبيعة، وعلى تغيير مجال المفردة.
يعدّ الرّمانيّ صاحب الفضل في هذا المقام إذ شرع يقسم التشبيه إلى أربعة أنواع، مما ساعد لاحقيه على التعمّق في مثل الشواهد التي ذكرها، وقد وقف عند قوله تعالى: كَأَنَّهُمْ أَعْجازُ نَخْلٍ مُنْقَعِرٍ [1]، فقدم تنظيرا فنيا إذ يقول:
«بيان ما لم تجر به عادة إلى ما قد جرت به، وقد اجتمعا في قلع الريح لهما، وإهلاكها إياهم» [2].
ولم يسر القدامى على هذا المنوال، وإن كان بعضهم يقدم تعريفا للفن ويؤطّره بمثال من القرآن، ولم يضيفوا شيئا على أهمية المشبّه به كما نجد عند الزركشي [3].
ونلتمس العذر للرماني إذ قدّم بحثا موجزا في رسالة تتضمن البلاغة القرآنية بشكل عام، وكذلك يذكر الزركشي مثل هذا الشاهد في كتاب يبحث في علوم القرآن.
وقد وقف الزمخشريّ في كشّافه عند هذه الآية فقال: «كانوا يتساقطون على الأرض أمواتا، وهم جثث طوال عظام، كأنّهم أعجاز نخل، وهي أصولها بلا فروع، ومنقعر
منقلع من مغارسه، وقيل: شبّهوا بأعجاز النخل، لأن الريح كانت تقطع رءوسهم، فتبقى أجسادا بلا رءوس» [4].
هكذا نجد أن الزمخشري يتّجه إلى تفصيل صفات المشبّه به، هذا النّبات الدّال على خلوّ الأجسام، وخفّتها أمام قوة الريح، وشرحه اللغوي هذا ييسّر للمحدثين معرفة الجوانب الجمالية، وإذا كان اهتم بالمشبه به وهو النبات، فإنّ [1] سورة القمر، الآية: 20. [2] الرمّاني، علي بن عيسى، ثلاث رسائل في الإعجاز، ص/ 77. [3] انظر الزركشي، بدر الدين، البرهان: 3/ 420. [4] الزمخشريّ، الكشّاف: 3/ 184، وانظر النسفي، عبد الله بن أحمد، مدارك التنزيل ط/ 1، دار الكتاب العربي، بيروت: 4/ 203.
اسم الکتاب : جماليات المفردة القرآنية المؤلف : أحمد ياسوف الجزء : 1 صفحة : 123