اسم الکتاب : جماليات المفردة القرآنية المؤلف : أحمد ياسوف الجزء : 1 صفحة : 121
التأمّل في ساعات الهدوء والراحة.
وجمال الطبيعة آية يستدلّ بها القرآن على وجود الله تعالى، وقدرته وتدبيره للعالم وَزَيَّنَّا السَّماءَ الدُّنْيا بِمَصابِيحَ وَحِفْظاً، ذلِكَ تَقْدِيرُ الْعَزِيزِ الْعَلِيمِ [1]، وكثيرة هي
الآيات التي تعدّ حججا دالّة على عظمة الخالق تستند إلى ما أودع في الطبيعة من آيات الجمال.
والطبيعة في القرآن ذات هدف ديني، فإذا ذكرت الجنة بسطت لنا أوصافها ترغيبا للمؤمنين، وحثّا لهم على الطاعات والخير، ليستحقّوا أنهارها وثمارها، وتذكر جزئياتها التي تشبه في الظاهر جمال طبيعة اعتدناها في الأرض، وفي ذلك تقرّب فيه رحمة من مفهوم الإنسان للطبيعة فِيهِما فاكِهَةٌ وَنَخْلٌ وَرُمَّانٌ [2]، وقوله إِنَّ لِلْمُتَّقِينَ مَفازاً، حَدائِقَ وَأَعْناباً [3]، فقد جاء في الحديث القدسي قوله تعالى: «أعددت لعبادي الصّالحين ما لا عين رأت، ولا أذن سمعت، ولا خطر على قلب بشر» [4].
وهذه الطبيعة وسيلة ترهيب أيضا، فكم من أمة خسفت بها الأرض وَمِنْهُمْ مَنْ خَسَفْنا بِهِ الْأَرْضَ، وَمِنْهُمْ مَنْ أَغْرَقْنا [5]، وقوله: إِنَّا أَرْسَلْنا عَلَيْهِمْ رِيحاً صَرْصَراً فِي يَوْمِ نَحْسٍ مُسْتَمِرٍّ [6].
فهي مسخّرة لصالح الكائن البشري، إلا أنها سرعان ما تنقلب شرا عليه بأمر خالقها، فالشجر ينمو، ولكن العذاب في جفافه، لينال الجاحدون بعضا من عقوبتهم في الدنيا، والنار التي هي مساعد في معاشه تكون مصدر العذاب الأخروي.
نستنتج أن الطبيعة مظهر لقدرة الله ووحدانيته وكماله، والنظام الذي تسير وفقه إشارة واضحة على وجود الخالق ما تَرى فِي خَلْقِ الرَّحْمنِ مِنْ تَفاوُتٍ [1] سورة فصّلت، الآية: 12. [2] سورة الرحمن، الآية: 68. [3] سورة النبأ، الآيتان: 31 - 32. [4] البخاري، صحيح البخاري، كتاب بدء الخلق: 3/ 1185. [5] سورة العنكبوت، الآية: 40. [6] سورة القمر، الآية: 19.
اسم الکتاب : جماليات المفردة القرآنية المؤلف : أحمد ياسوف الجزء : 1 صفحة : 121