responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : جماليات المفردة القرآنية المؤلف : أحمد ياسوف    الجزء : 1  صفحة : 107
واضطراب في دينهم لا على سكون وطمأنينة» [1].
فقد أدرك جمالية كلمة «حرف» وإسهامها في تجسيم الحالة الشعورية لمضطربة لدى المنافقين، ويعدّ هذه السمة في مكان آخر تمثيلا»، ففي الآية:
وَالشُّعَراءُ يَتَّبِعُهُمُ الْغاوُونَ، أَلَمْ تَرَ أَنَّهُمْ فِي كُلِّ وادٍ يَهِيمُونَ [2] قال: «ذكر الوادي والهيوم فيه تمثيل لذهابهم في كل شعب من القول واعتسافهم، وقلّة مبالاتهم بالغلوّ في المنطق، ومجاوزة حدّ القصد فيه» [3]، والمثل والتمثيل شيء واحد كما يقرر البلاغيون.
وفي باب الاستعارة يضيف ابن الأثير ومضات جمالية إلى سابقيه بالرغم من إعادته كثيرا من شواهدهم، وكتابه يعنى بالشواهد القرآنية قبل الحديث الشريف، وقبل الشعر، ولا ينسى تفضيل ما جاء في القرآن على سائر الأقوال، وقد اعتاد المحدثون على اقتباس جمالية الموسيقا القرآنية من كتابه، بينما تعمّق هو في عموم وجوه الجمال الفني القرآني.
ولا بأس أن نقف على تعليقه إزاء قوله تعالى: وَالشُّعَراءُ يَتَّبِعُهُمُ الْغاوُونَ، أَلَمْ تَرَ أَنَّهُمْ فِي كُلِّ وادٍ يَهِيمُونَ [4] إذ قال: «فاستعار الأودية للفنون والأغراض الشعرية التي يقصدونها، وإنما خصّ الأودية بالاستعارة، ولم يستعر الطرق والمسالك، أو ما جرى مجراهما، لأن معاني الشعر تستخرج بالفكرة والرّويّة، والفكرة والرّويّة فيهما خفاء وغموض، فكانت استعارة الأودية لها أشبه وأليق» [5].
وهكذا استمد ابن الأثير من معرفته اللغوية فضل الوادي على الطريق أو المسلك، وهنا يقصد بالوادي الغرض الشعري، وهذه الكلمة تنمّ أيضا على العمق البشري، إذ تجسّم إيحاء الشعراء في قلوب المستمعين أو القارئين،

[1] الزمخشري، الكشاف: 3/ 115.
[2] سورة الشعراء، الآيتان: 224 - 225.
[3] الزمخشري، الكشاف: 3/ 271.
[4] سورة الشّعراء، الآيتان: 224 - 225.
[5] ابن الأثير، ضياء الدين، المثل السائر: 1/ 374، وانظر، العلوي، يحيى بن حمزة، 1914، الطّراز، دار الكتب الخديوية بمصر: 1/ 214.
اسم الکتاب : جماليات المفردة القرآنية المؤلف : أحمد ياسوف    الجزء : 1  صفحة : 107
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست