والذين مارسوا الكتابة في جمع القرآن كان على رأسهم زيد بن ثابت الأنصاري، والذي عرفنا عنه سابقاً أنه تعلم السريانية في خلال سبعة عشر يوماً فقط، وكان يمارس الكتابة منذ حياة الرسول صلى الله عليه وسلم حيث كان من كتاب الوحي المشهورين، وهو الذي مارس كتابة القرآن كله حين الجمع الصديقي سنة 12 من الهجرة حين كان عمره حوالي 23سنة، ثم هو الذي مارس الكتابة في الجمع العثماني سنة: 24 أو 25 من الهجرة حين كان عمره حوالي 35 أو 36 سنة (أي في عنفوان شبابه) ، فهل يتصور من مثل هذا الشاب الموهوب أنه لم يكن – في خلال هذه المدة كلها – قد أتقن الكتابة ثم ارتكب الأخطاء في كتابة كلام الله الذي يقول فيه: (فو الله لو كلفوني نقل جبل من الجبال، ما كان أثقل علي مما أمرني به من جمع القرآن) [1].
فالقضية واضحة، ولا ينبغي اتهام الصحابة بعدم إجادة صناعة الخط، ثم تعليل ذلك بنسبتهم إلى البداوة وعدم التحضر – كما فعل ذلك ابن خلدون وأتباعه[2]. [1] البخاري، فضائل القرآن:4603، الترمذي، التفسير: 3028، أحمد، مسند العشرة المبشرين بالجنة: 72، ومسند النصار: 20657. [2] انظر قوله في مقدمته: 419، وراجع فجر الإسلام لأحمد أمين: 142. المطلب الثامن: نتائج الجمع في العهد العثماني وفوائده:
من أكبر نتائج الجمع العثماني: [1] القضاء على الفرقة والخلاف بين المسلمين في وجوه قراءة القرآن الكريم.