اسم الکتاب : دراسات في علوم القرآن المؤلف : فهد الرومي الجزء : 1 صفحة : 317
وهناك من جمع بين القولين؛ بأن بداية نزول القراءات كان بمكة مع بداية نزول القرآن، لكن الحاجة لم تدع إلى استخدامها، لوحدة اللغة في مكة وما جاورها "لسان قريش"، واختلاف اللهجات إنما حدث بعد الهجرة في المدينة حين دخلت في الإسلام قبائل متعددة بلهجات مختلفة.
وسواء كان نزول القراءات بمكة أو بالمدينة، إلا أنها مرت بمراحل حتى وصلت إلينا نستطيع أن نرسمها كما يلي:
المراحل التي مر بها علم القراءات: المرحلة الأولى:
تلقى الرسول -صلى الله عليه وسلم- القراءات كما يتلقى سائر القرآن عن طريق جبريل -عليه السلام- وأمره الله تعالى أن يقرأ على الناس: {يَا أَيُّهَا الرَّسُولُ بَلِّغْ مَا أُنْزِلَ إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ} [1] {وَقُرْآنًا فَرَقْنَاهُ لِتَقْرَأَهُ عَلَى النَّاسِ عَلَى مُكْثٍ} [2].
فبلغه الرسول -صلى الله عليه وسلم- حق التبليغ، وكان يقرؤهم القرآن خمس آيات بالغداة وخمس آيات بالعشى، وربما أقرأ صحابيًّا بحرف وأقرأ آخر بحرف آخر، وكان كل صحابي يقرأ بما سمعه من الرسول صلى الله عليه وسلم.
وأمر الرسول -صلى الله عليه وسلم- أن يقرئ بعضهم بعضًا، فكان إذا أسلم رجل دفعه إلى أحد الصحابة ليعلمه القرآن، وكان يرسل بعض أصحابه إلى القبائل لتعليمهم القرآن، وإذا هاجر رجل إلى المدينة دفعه الرسول -صلى الله عليه وسلم إلى من يحفظه القرآن؛ وبهذا تكونت جماعة من الصحابة عرفت بالقراء، وحفظ القرآن عدد كبير من الصحابة. [1] المائدة: الآية 67. [2] الإسراء: الآية 106.
المرحلة الثانية:
بعد وفاته عليه الصلاة والسلام ارتدت كثير من قبائل العرب، فجهز الخليفة أبو بكر رضي الله عنه الجيوش لقتال المرتدين، وقتل في هذه الحروب عدد كبير من القراء؛ خشي الصحابة أن يذهب شيء من القرآن بذهاب حفظته، فجمعوه في مصحف واحد بجميع قراءاته.
اسم الکتاب : دراسات في علوم القرآن المؤلف : فهد الرومي الجزء : 1 صفحة : 317