اسم الکتاب : دراسات في علوم القرآن المؤلف : فهد الرومي الجزء : 1 صفحة : 129
وهذا القول أيضًا غير ضابط ولا حاصر من وجهين:
الأول: ضعف هذا القول ابن الحصار فقال: اتفق الناس على أن "النساء" مدنية وأولها "يأيها الناس" وعلى أن "الحج" مكية وفيها: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا ارْكَعُوا وَاسْجُدُوا} [1] وقال غيره هذا القول إن أخذ على إطلاقه فيه نظر. فإن سورة البقرة مدنية وفيها: {يَا أَيُّهَا النَّاسُ اعْبُدُوا رَبَّكُمْ} [2]. {يَا أَيُّهَا النَّاسُ كُلُوا مِمَّا فِي الأَرْضِ} [3] وسورة النساء مدنية وأولها: {يَا أَيُّهَا النَّاسُ} [4]. وبهذا يكون هذا القول غير ضابط وغير مطرد.
الثاني: أن هناك آيات كثيرة وسور عديدة ليس فيها نداء بيأيها الناس ولا يأيها الذين آمنوا، وهذا القول لا يشملها فلا يكون ضابطًا ولا حاصرًا. [1] سورة الحج: الآية 77. [2] سورة البقرة: الآية 21. [3] سورة البقرة: الآية 168. [4] الإتقان: السيوطي ج[1] ص17. القول الثالث:
لطائفة اعتبرت الزمان ورأت أن الهجرة هي الحد الفاصل بين المكي والمدني، فما نزل قبل الهجرة فهو مكي، وما نزل بعد الهجرة فهو مدني وإن نزل في مكة قالوا: "وما نزل في طريق المدينة قبل أن يبلغ النبي -صلى الله عليه وسلم- المدينة فهو من المكي"[1].
وهذا التعريف ضابط وحاصر لا تخرج عنه آية من آيات القرآن الكريم وعليه فإن قوله تعالى: {الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمْ الإِسْلامَ دِينًا} [2]. مدنية مع أنها نزلت في عرفات بمكة، بل إن قوله تعالى: {إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُكُمْ أَنْ تُؤَدُّوا الأَمَانَاتِ إِلَى أَهْلِهَا} [3]. مدنية مع أنها نزلت في جوف الكعبة لأن هاتين الآيتين نزلتا بعد الهجرة عام الفتح.
ونعني بالضوابط خصائص الألفاظ، ونعني بالمميزات خصائص الأسلوب والمعاني والأغرض للسور المكية أو المدنية. [1] البرهان: الزركشي ج1 ص188. [2] سورة المائدة: الآية 3. [3] سورة النساء: من الآية 58.
اسم الکتاب : دراسات في علوم القرآن المؤلف : فهد الرومي الجزء : 1 صفحة : 129