responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : دراسات في علوم القرآن المؤلف : محمد بكر إسماعيل    الجزء : 1  صفحة : 254
{يُرِيدُ اللَّهُ أَنْ يُخَفِّفَ عَنْكُمْ وَخُلِقَ الإِنْسَانُ ضَعِيفًا} [1].
والجواب عن هذه الشبهة أن العسر واليسر والخِفَّة والثِّقَل من الأمور الإضافية، فما من أمر خفيف إلّا وهو ثقيل بالإضافة إلى ما هو أخفّ منه، وما من أمر ثقيل إلا وهو خفيف بالإضافة إلى ما هو أثقل منه، وكل ما أمر الله تعالى به يسر لنا؛ إذ فوقه ما هو عسير وعسير، وكل ما نقلنا إليه من أحكام تخفيف علينا بالنسبة لما في علمه من مشاق، ولو أن المقصود التخفيف المطلق، واليسر المطلق لكانت ركعة واحدة في الصلاة مثلًا أخفَّ بكثير مما هو عليه، ثم إنه قد وقع النَّسْخُ بالأشدِّ فلا سبيل إلى إنكاره ومنعه.
وسنذكر لك هنا بعض الأمثلة لكل قسم من هذه الأقسام الثلاثة.
أما النوع الأول: وهو النسخ من الأثقل إلى الأخفِّ, فقد مثَّلُوا له بقوله تعالى: {أُحِلَّ لَكُمْ لَيْلَةَ الصِّيَامِ الرَّفَثُ إِلَى نِسَائِكُمْ} [2]، الآية.
فهي ناسخة لقوله: {كَمَا كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ} [2]؛ لأن مقتضاها الموافقة لما كان عليه السابقون من تحريم الأكل والشرب والوطء إذا صلُّوا العشاء، أو ناموا إلى الليلة التالية كما ذكروا ذلك.
فقد روى ابن أبي حاتم عن ابن عمر قال: أنزلت: {كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ كَمَا كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ} كُتِبَ عليهم إذا صلى أحدهم العتمة أو نام, حُرِّمَ عليه الطعام والشراب والنساء إلى مثلها.
وروى مثله أحمد والحاكم وغيرهما، وفيه: فأنزل الله -عز وجل:
{أُحِلَّ لَكُمْ لَيْلَةَ الصِّيَامِ الرَّفَثُ إِلَى نِسَائِكُمْ} . الآية.
ومثال النَّسْخِ من الأثقل إلى الأخفِّ أيضًا، قوله تعالى في سورة الأنفال:
{يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ حَرِّضِ الْمُؤْمِنِينَ عَلَى الْقِتَالِ إِنْ يَكُنْ مِنْكُمْ عِشْرُونَ صَابِرُونَ يَغْلِبُوا مِائَتَيْنِ وَإِنْ يَكُنْ مِنْكُمْ مِئَةٌ يَغْلِبُوا أَلْفًا مِنَ الَّذِينَ كَفَرُوا بِأَنَّهُمْ قَوْمٌ لَا يَفْقَهُونَ} [4].

[1] النساء: 28.
[2] البقرة: 187.
3 البقرة: 183.
[4] آية: 65.
اسم الکتاب : دراسات في علوم القرآن المؤلف : محمد بكر إسماعيل    الجزء : 1  صفحة : 254
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست