اسم الکتاب : دراسات في علوم القرآن المؤلف : محمد بكر إسماعيل الجزء : 1 صفحة : 162
ولا يحمل تعددها على تعدد النزول على الراجح عندي لما قد علمت من قول الشاطبي المتقدِّم.
تعدُّد النازل والسبب واحد:
ذكرنا فيما سبق أنه إذا تعدَّدت الروايات في أسباب النزول، وكانت كلها صحيحة صريحة جمع بينها إن كانت متقاربة في الزمان، فتكون كلها أسبابًا لنازل واحد.
وكما تتعدَّدُ الأسباب لنازل واحد, قد يتعدد النازل لسبب واحد، فينزل لهذا السبب آيتان فأكثر في موضعين فأكثر.
ومثاله ما أخرجه الحاكم والترمذي عن أم سلمة أنها قالت: يا رسول الله, لا أسمع الله ذكر النساء في الهجرة بشيء, فأنزل الله من سورة آل عمران:
{فَاسْتَجَابَ لَهُمْ رَبُّهُمْ أَنِّي لَا أُضِيعُ عَمَلَ عَامِلٍ مِنْكُمْ مِنْ ذَكَرٍ أَوْ أُنْثَى بَعْضُكُمْ مِنْ بَعْضٍ فَالَّذِينَ هَاجَرُوا وَأُخْرِجُوا مِنْ دِيَارِهِمْ وَأُوذُوا فِي سَبِيلِي وَقَاتَلُوا وَقُتِلُوا لَأُكَفِّرَنَّ عَنْهُمْ سَيِّئَاتِهِمْ وَلَأُدْخِلَنَّهُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ ثَوَابًا مِنْ عِنْدِ اللَّهِ وَاللَّهُ عِنْدَهُ حُسْنُ الثَّوَابِ} [1].
وأخرج الحاكم أيضصا عنها أنها قالت: قلت يا رسول الله, تذكر الرجال ولا تذكر النساء, فأُنْزِلَت:
{إِنَّ الْمُسْلِمِينَ وَالْمُسْلِمَاتِ} [2].
وأنزلت: {أَنِّي لَا أُضِيعُ عَمَلَ عَامِلٍ مِنْكُمْ مِنْ ذَكَرٍ أَوْ أُنْثَى} .
وأخرج الحاكم أيضًا أنها قالت: تغزو الرجال ولا تغزو النساء، وإنما لنا نصف الميراث، فأنزل الله:
{وَلَا تَتَمَنَّوْا مَا فَضَّلَ اللَّهُ بِهِ بَعْضَكُمْ عَلَى بَعْضٍ} [3].
وأنزل: {إِنَّ الْمُسْلِمِينَ وَالْمُسْلِمَات} . [1] آية: 195. [2] الأحزاب: 35. [3] النساء: 32.
اسم الکتاب : دراسات في علوم القرآن المؤلف : محمد بكر إسماعيل الجزء : 1 صفحة : 162