responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : دراسات في علوم القرآن المؤلف : محمد بكر إسماعيل    الجزء : 1  صفحة : 139
وليس كل كلام جاء معتبرًا ... إلا كلام له حظ من النظر
وأما الاتجاه الرابع: وهو تفسير الزيادة والحذف باحتمال القراءات فهو قول صحيح؛ لأن كُتَّاب المصاحف قد بذلوا طاقتهم في أن تكون هذه المصاحف مشتملة في جملتها على الأحرف السبعة التي أُنْزِلَ عليها القرآن الكريم، فقد كتبوا مصاحف سبعة أو ثمانية، كل مصحف منها يحمل حرفًا من هذه الأحرف السبعة، وأرسلوا كل مصحف إلى القطر الذي يقرأ أهله بحرفه، وبذلك حفظت الأحرف السبعة كلها من الضياع.
وهذا القول أولى من قول من قال: إنهم كتبوا هذه المصاحف على حرف واحد من هذه الأحرف السبعة؛ لأنهم خُيِّرُوا فاختاروا، فهذا القول فيه اتهام لأصحاب النبي -صلى الله عليه وسلم- بأنهم فرَّطوا في هذه الأحرف، فضيَّعوا منه ستة، وكان يمكنهم أن يحافظوا عليها جميعًا، ويمحوا ما سواها من الأوجه التي لم يثبت سندها إلى النبي -صلى الله عليه وسلم، وفي ذلك كفاية لدرء الفتنة والقضاء على المحنة التي كادت تُوقِعُ بين المسلمين انقسامًا خطيرًا.
وأما الاتجاه الخامس: وهو أن الرسم بُنِيَ على حكمة ذهبت بذهاب كتبته, فهو اتجاه قوم توقَّفوا عن القول بما ليس لهم به علم، وآثروا السلامة على الخوض في حديث لا تدفعهم إليه حاجة ملحة، وقولهم هذا صحيح.
ولكن لماذا لا نفتِّشُ عن الحكمة بقدر طاقتنا، وبالوسائل المتاحة لنا، وقد أُمِرْنَا بالتدبر والنظر في كل ما يقع أمامنا من الظواهر الكونية والقرآنية، ونسعى جادِّين في تحقيق المسائل العلمية وتمحيصها، ولا سيما تلك الظواهر المتعلقة بكتاب الله تعالى، كظاهرة الرسم العثماني، فعسى أن نجد فيها سرًّا من أسرار هذا الكتاب العظيم، ونعثر على ضربٍ آخر من إعجازه البياني.
والحكمة ضالة المؤمن، والعلم أبواب مغلقة لا تنفتح إلّا بالتأمل والنظر.

اسم الکتاب : دراسات في علوم القرآن المؤلف : محمد بكر إسماعيل    الجزء : 1  صفحة : 139
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست