اسم الکتاب : دراسات في علوم القرآن المؤلف : محمد بكر إسماعيل الجزء : 1 صفحة : 137
وقد ضعَّفَ هذا الاحتمال الأستاذ "غانم قدوري الحمد" فقال: "إن المصحف العثماني إنما كُتِبَ على قراءة معينة، أي: أن رسم الكلمات جاء لتمثيل لفظ واحد, ونطق معيِّنٍ, بغض النظر عن احتماله لأكثر من قراءة، بسبب تجرد الكتابة آنذاك من الشكل والإعجام، ومن ثَمَّ فإن هذا الاتجاه في تعليل بعض ظواهر الرسم لا يقوم على أساس راجح -في نظرنا, بل إنه لا يختلف كثيرًا عن الاتجاه القائل باختلاف أحوال الرسم لاختلاف المعاني في ضعف الأساس الذي بُنِيَ عليه"[1].
وقوله هذا مرجوح وليس براجح في نظري, على ما يأتي بيانه قريبًا. [1] رسم المصحف ص231-232.
5- الرسم بُنِيَ على حكمة ذهبت بذهاب كتبته:
وقد ذهب فريق من المعاصرين إلى أن الرسم العثماني قد بُنِيَ على حكمة لا نعلمها على وجه تطمئن إليه النفس، وأن ما أتى به العلماء من تعليلات لا تقوى على الرد، فهي مجرد احتمالات وتخمينات حاول أصحابها أن يثبتوا لهذا الرسم قدسية خاصة عن طريق الأدلة النظرية المستلْهَمة من تَتَبُّع بعض الكلمات التي خالفت في رسمها الخط الهجائي.
وهذه التعليلات ما هي إلّا استئناس وتلميح، والفرق كبير بين الاستئناس والاستدلال.
فالأول مبنيٌّ على الظن والتخمين، فلا يعتبر حجة قاطعة.
والثاني مبنيٌّ على النظر أو الاستقراء الموصِّل إلى ما يرفع الشك باليقين.
"وممن ذهب إلى هذا القول الأستاذ الشيخ محمد طاهر الكردي المكي الخطَّاط صاحب كتاب "تاريخ الخط العربي" و"تاريخ القرآن"[2]. [1] رسم المصحف ص231-232. [2] انظر "رسم المصحف" ص232.
الخلاصة مدخل
...
الخلاصة:
ومما سبق يتبيِّنُ لنا مدى عناية العلماء سلفًا وخلفًا بكتاب الله تعالى قراءة وكتابة، لم يَفُتْهُم من ألفاظه ولا معانيه ولا مراميه صغيرة ولا كبيرة، إلّا وقفوا عندها مستلْهِمِين من الله الرشد في تفسيرها وتأويلها، وتحليلها وتعليلها.
اسم الکتاب : دراسات في علوم القرآن المؤلف : محمد بكر إسماعيل الجزء : 1 صفحة : 137