responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : دلائل الإعجاز - ت هنداوي المؤلف : الجرجاني، عبد القاهر    الجزء : 1  صفحة : 200
إنّ السّماحة والمروءة والنّدى ... في قبّة ضربت على ابن الحشرج «1»
أراد، كما لا يخفى، أن يثبت هذه المعاني والأوصاف خلالا للممدوح وضرائب [2]، فترك أن يصرّح فيقول: «إن السماحة والمروءة والندى لمجموعة في ابن الحشرج، أو مقصورة عليه، أو مختصّة به»، وما شاكل ذلك مما هو صريح في إثبات الأوصاف للمذكورين بها، وعدل إلى ما ترى من الكناية والتلويح فيجعل كونها في القبّة المضروبة عليه، عبارة عن كونها فيه، وإشارة إليه، فخرج كلامه بذلك إلى ما خرج إليه من الجزالة، وظهر فيه ما أنت ترى من الفخامة، ولو أنه أسقط هذه الواسطة من البين، لما كان إلا كلاما غفلا، وحديثا ساذجا.
فهذه الصّنعة في طريق الإثبات، هي نظير الصّنعة في المعاني، إذا جاءت كنايات عن معان أخر، نحو قوله: [من الوافر]
وما يك فيّ من عيب فإنّي ... جبان الكلب مهزول الفصيل «3»
فكما أنه إنما كان من فاخر الشعر، ومما يقع في الاختيار [4]، لأجل أنّه أراد أن يذكر نفسه بالقرى والضيافة، فكنّى من ذلك بجبن الكلب وهزال الفصيل، وترك أن يصرّح فيقول: «قد عرف أن جنابي مألوف، وكلبي مؤدّب لا يهرّ في وجوه من يغشاني من الأضياف، وأني أنحر المتالي [5] من إبلي وأدع فصالها هزلى» كذلك، إنّما راقك بيت زياد، لأنّه كنى عن إثباته السماحة والمروءة والندى كائنة في الممدوح، بجعلها كائنة في القبّة المضروبة عليه.

(1) البيت لزياد الأعجم من قصيدة له في المدح، وهو كناية عن وصف ممدوحه بالتمكين في صفات المروءة والسماحة والندى، والبيت أورده القزويني في الإيضاح (290)، وعزاه لأبي زياد الأعجم، والسكاكي في المفتاح (517) ط، دار الكتب العلمية، بيروت، وفي الطراز (1/ 422)، ونهاية الإيجاز (271)، والإشارات (245)، والمصباح (152). ابن الحشرج: من ولاة بني أمية، اسمه عبد الله.
[2] ضرائب: الضريبة الخليفة يقال إنه لكريم الضرائب. اه اللسان/ ضرب/ (1/ 459).
(3) البيت أورده القزويني في الإيضاح (288)، وهو لابن هرمة، وهو شاعر مخضرمي الدولتين، توفي سنة (145 هـ)، والبيت غير منسوب في الحيوان (1/ 377)، والحماسة (1/ 260)، ومنسوب لابن
هرمة في البيان والتبيين، وفي ديوان ابن هرمة (198)، والتبيان (39)، والطراز (1/ 423)، والإشارات (242)، وأورده الرازي في نهاية الإيجاز (271)، وبدر الدين بن مالك في المصباح (150). الفصيل: ولد الناقة إذا فصل عن أمه.
[4] الاختيار: اختيار أبي تمام في حماسته.
[5] المتالي: الأمهات إذا تلاها الأولاد. اه اللسان مادة/ تلا/ (14/ 103).
اسم الکتاب : دلائل الإعجاز - ت هنداوي المؤلف : الجرجاني، عبد القاهر    الجزء : 1  صفحة : 200
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست