اسم الکتاب : شرح مقدمة التسهيل لعلوم التنزيل لابن جزي المؤلف : الطيار، مساعد الجزء : 1 صفحة : 176
فنسي فطاف بهن، فلم تأت امرأة منهن بولد إلا واحدة بشق غلام» [1]، فقالوا: إن هذا هو الجسد الذي أخبر الله سبحانه وتعالى عنه، والرسول صلّى الله عليه وسلّم لم يربط هذا الحديث بالآية، وإنما أخبر بخبرٍ عن سليمان عليه السلام، فحَمْلُ الحديثِ على الآية ليس من فعل الرسول صلّى الله عليه وسلّم، وإنما من عمل المجتهد.
ومفسرون آخرون حملوا الآية على ما ورد في بعض الإسرائيليات أنه وقع تسلُّط من الشيطان على سليمان عليه السلام.
الأصل ألا نوجب تفسير الآية بالحديث إلا إذا ثبت أن النبي صلّى الله عليه وسلّم أراد أن هذا المعنى مفسر لهذه الآية، وهذا النوع نطلق عليه «التفسير النبوي المباشر»؛ لأن النبي صلّى الله عليه وسلّم نصَّ على الآية، وأراد تفسيرها.
أما إذا ورد الحديث مطلقاً من غير آية، فإن الاطمئنان إلى حمل الآية على الحديث أحرى، لكنه ليس ملزماً، فليس كل استفادةٍ من كلام النبي صلّى الله عليه وسلّم في تفسير الآيات يلزم أن يكون صحيحاً، وإذا كان حمل المعنى على الآية صحيحاً فإنه لا يلزم أن يكون حجة؛ لأنه من عمل المجتهد، ونحن نقبله لأمور أخرى منها: أن يكون وارداً عن بعض من يُقتدَى به؛ كتفسير ابن عباس لـ {اللَّمَمَ} في قوله تعالى: {الَّذِينَ يَجْتَنِبُونَ كَبَائِرَ الإِثْمِ وَالْفَوَاحِشَ إِلاَّ اللَّمَمَ} [النجم: 32]، قال: «ما رأيت أشبه باللمم مما قال أبو هريرة عن النبي صلّى الله عليه وسلّم: «إن الله كتب على ابن آدم حظه من الزنا أدرك ذلك لا محالة، فزنا العين النظر، وزنا اللسان النطق ...» [2]، فجعل هذا الحديث مفسراً لـ {اللَّمَمَ} أي: الصغائر التي تكفرها الصلوات.
تنبيه:
هناك مجالان لا يمكن الزيادة فيهما على ما ورد من التفسير النبوي [1] أخرجه البخاري في كتاب كفارات الأيمان من حديث أبي هريرة، رقم الحديث (6720). [2] أخرجه البخاري في كتاب الاستئذان، ورقم الحديث (6243).
اسم الکتاب : شرح مقدمة التسهيل لعلوم التنزيل لابن جزي المؤلف : الطيار، مساعد الجزء : 1 صفحة : 176