اسم الکتاب : شرح مقدمة التسهيل لعلوم التنزيل لابن جزي المؤلف : الطيار، مساعد الجزء : 1 صفحة : 174
وممن فسرها بهذا عمر بن خطاب رضي الله عنه، ونظَّرها بقوله تعالى: {وَكُنْتُمْ أَزْوَاجًا ثَلاَثَةً *فَأَصْحَابُ الْمَيْمَنَةِ مَا أَصْحَابُ الْمَيْمَنَةِ *وَأَصْحَابُ الْمَشْأَمَةِ مَا أَصْحَابُ الْمَشْأَمَةِ *وَالسَّابِقُونَ السَّابِقُونَ} [الواقعة: 7 - 10]، وكذلك بقوله: {احْشُرُوا الَّذِينَ ظَلَمُوا وَأَزْوَاجَهُمْ} [الصافات: 22]؛ أي: أصنافهم، وليس المراد زوجاتهم؛ لأنه قد تكون زوجة الكافر مؤمنة، وقد تكون زوجة المؤمن كافرة.
والمقصود من هذا أن عمر رضي الله عنه لما فسَّر هذه الآية بهذا المعنى اعتمد على اللغة؛ لأنه فسر التزويج بمعنى القَرْن، أي: قَرْن الأصناف، فـ «زوجت» بمعنى قُرِنَت الأصنافُ بالأصنافِ.
القول الثاني: أن الأرواح ردت إلى الأجساد {وَإِذَا النُّفُوسُ زُوِّجَتْ} أي: قرنت الأرواح بالأجساد، ثم يبعث الإنسان كما هو معلوم في كيفية البعث التي أخبر الله سبحانه وتعالى ورسوله صلّى الله عليه وسلّم عنها، فالقول الثاني لم يعتمد على آية، ومع ذلك نقول: كلا القولين صحيح، فالآية تحتمل هذا وتحتمل هذا، لكن عند الترجيح نرجِّح القول الأول؛ لأمور:
1 - أن القرآن دلَّ على هذا المعنى الأول.
2 - أنه قول الجمهور.
3 - من قرائن الترجيح أنه فَهْمُ عمر بن الخطاب الذي أشار إليه المؤلف (إذا كان قول من يؤتم به أو يقتدى به فإنه يكون قولاً معتبراً).
مثال آخر: في قوله سبحانه وتعالى: {ثُمَّ السَّبِيلَ يَسَّرَهُ} [عبس: 20]
السبيل: قيل: طريق خروجه من بطن أمه، وهذا قول الجمهور.
والقول الآخر: أن المراد بالسبيل طريق الخير والشر، واستدل صاحب هذا القول بقوله: {إِنَّا هَدَيْنَاهُ السَّبِيلَ إِمَّا شَاكِرًا وَإِمَّا كَفُورًا} [الإنسان: 3].
وإذا أعملت قاعدة تفسير القرآن بالقرآن يعدُّ قرينة، فإنا نرجح القول
اسم الکتاب : شرح مقدمة التسهيل لعلوم التنزيل لابن جزي المؤلف : الطيار، مساعد الجزء : 1 صفحة : 174