اسم الکتاب : شرح مقدمة التسهيل لعلوم التنزيل لابن جزي المؤلف : الطيار، مساعد الجزء : 1 صفحة : 109
في علم الناسخ والمنسوخ بلا إشكال، لكن إذا رجعنا إلى بعض التفاسير نجد عن ابن عباس رضي الله عنه (ت68هـ) أنه قال في قوله تعالى: {وَالشُّعَرَاءُ يَتَّبِعُهُمُ الْغَاوُونَ} [الشعراء: 224]: هذه منسوخة نسخها قوله: {إِلاَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ وَذَكَرُوا اللَّهَ كَثِيرًا وَانْتَصَرُوا مِنْ بَعْدِ مَا ظُلِمُوا وَسَيَعْلَمُ الَّذِينَ ظَلَمُوا أَيَّ مُنْقَلَبٍ يَنْقَلِبُونَ} [الشعراء: 227]، فابن عباس أدخل على الخبر النسخ، ونحن نعلم أن هذه الجملة خبر وليست بحكم، والمؤلف قال: إن الأخبار لا تنسخ، فإما أن يكون كلام ابن عباس خطأ، وإما أن يكون تقرير العلماء الذي أُجمِع عليه ـ وهو أن الأخبار لا تنسخ ـ خطأ، وإما أن نقول إن هناك اختلافاً في مفهوم النسخ، وهذا هو الصواب؛ إذ إن فيما يدخل تحت مصطلح النسخ اختلاف بين السلف ومن جاء بعدهم، وإذا أخذنا الأمر بهذا التفصيل، فإن العبارتين صحيحتان؛ نظراً لاختلاف الاعتبار في المراد بالنسخ.
ومن هنا أقول: يجب على طالب العلم أن يعتني بالمصطلحات، وأن يعرف مصطلح كل قوم، وتطور هذه المصطلحات، واختلافها عند العلماء، وإلا وقع طالب العلم في الخلل؛ كما وقع في ذلك بعض المتأخرين في إنكاره النسخ في عبارة ابن عباس.
ويمكن القول بأن النسخ على نوعين:
1 - نسخ كلي: وهذا الذي يدخل في الأحكام، ولا يجري على الأخبار إطلاقاً، وهو مراد المتأخرين.
2 - نسخ جزئي: وهذا يدخل في الأحكام والأخبار، وهو ما يستخدمه السلف، فهم يستخدمون الكلي والجزئي لكن المتأخرين يستخدمون الكلي فقط، ولما كانوا يستخدمون النسخ الكلي الذي لا يقع إلا في الأحكام قالوا: إن الأخبار لا يقع فيها نسخ، أما السلف فكانوا
اسم الکتاب : شرح مقدمة التسهيل لعلوم التنزيل لابن جزي المؤلف : الطيار، مساعد الجزء : 1 صفحة : 109