اسم الکتاب : علم التفسير كيف نشأ وتطور حتى انتهى إلى عصرنا الحاضر المؤلف : عبد المنعم النمر الجزء : 1 صفحة : 124
وهذا يصور لك مدى ما كان يموج به عصر الرازى من خلافات وفتن ..
ثم تميز هذا العصر من ناحية أخرى بالإقبال على الدراسات العلمية من المنطق والعلم الطبيعى والفلسفة، وعلم ماوراء الطبيعة، والهندسة والفلك والموسيقى، بجانب الإقبال على الدراسات الدينية والعربية ..
كما تميز باعتزاز المعتزلة بمعرفة الفلسفة والمنطق، وتعاليهم بها على غيرهم ..
وادعائهم بأن العالم المتمكن لا يكون كذلك، إلا إذا جمع بين علوم الدين وهذه العلوم. وقد ظل المعتزلة مسيطرين بأفكارهم وإنتاجهم زمنا، حتى شعر أهل السنة بما يشبه عقدة النقص، فأقبلوا على هذه العلوم التى احتكرها المعتزلة وأضرابهم زمنا، فاغترفوا منها، لينازلوا المعتزلة ويكونوا أندادا لهم ..
وكان ممن اتجه هذا الاتجاه الإمام فخر الدين الرازى منذ شبابه. فتعلم على والده، وكان من كبار علماء عصره وهو «ضياء الدين أبو القاسم الرازى» وكان فقيها أصوليا متكلما صوفيا خطيبا محدثا أديبا.
وأضاف إمامنا فخر الدين إلى ما أخذه عن والده علوم عصره، من الفلسفة والمنطق وعلم الفلك والطبيعة على علمائها، واستعان بذلك كله على خدمة دينه.
وتجلية معانى القرآن وأسراره بالطريقة التى رآها مناسبة لعصره .. حتى يبز المعتزلة وغيرهم فيما يدعونه- من أنهم خدمة الدين والقرآن .. والكاشفون عن معانيه وأسراره- ويلجمهم ..
؟؟؟ وضع ثقافته الاسلامية الواسعة المتنوعة فى خدمة القرآن، هادفا؟؟؟ إلى أن يبرز ما فيه من الحكمة والمعرفة حسبما تفيده دراسة الفلسفة والكلام والعلوم الأخرى، ولذلك كان يوغل فى بيان معانى القرآن وما تدل عليه العبارات، ولو سار شوطا بعيدا فى العلوم التى يبرز بها هذه الناحية ..
وإنك لتجد صورة من هذا حين فسر قوله تعالى «رَبِّ الْعالَمِينَ»، واندفاعه ليبين العوالم المتعددة التى خلقها الله .. فى السموات وفى الأرض .. مما يخيل للقارئ أنه ابتعد كثيرا عن القرآن، وهو لم يبتعد، وإنما يفسر «العالمين» بما وقف عليه من علم، يجلى به حكمة الله فى مخلوقاته ..
اسم الکتاب : علم التفسير كيف نشأ وتطور حتى انتهى إلى عصرنا الحاضر المؤلف : عبد المنعم النمر الجزء : 1 صفحة : 124