عمر يدخلني مع أشياخ بدر، فكأنّ بعضهم وجد [1] في نفسه فقال: لم تدخل هذا معنا ولنا أبناء مثله؟. فقال عمر: إنه من حيث علمتم.
فدعا ذات يوم فأدخله معهم، فما رئيت أنه دعاني يومئذ إلا ليريهم.
قال: ما تقولون في قوله تعالى: إِذا جاءَ نَصْرُ اللَّهِ وَالْفَتْحُ؟. فقال بعضهم:
أمرنا نحمد الله ونستغفره إذا نصرنا وفتح علينا. وسكت بعضهم فلم يقل شيئا.
فقال لي: أكذاك تقول يا ابن عباس؟. فقلت: لا. قال: فما تقول؟. قلت: هو أجل رسول الله صلى الله عليه وسلم أعلمه له: قال: إذا جاء نصر الله والفتح وذلك علامة أجلك، فسبّح بحمد ربك واستغفره، إنه كان توابا. فقال عمر: ما أعلم منها إلا ما تقول».
شروط التفسير الإشاري:
لما كان التفسير الإشاري إثارة لمعاني كتاب الله تعالى، كان لا بد له من معيار ينضبط به، حتى يتميز عن عبث المتلاعبين بالقرآن تحت ستار اسم باطن القرآن، وهم لا يفسرون القرآن على الحقيقة بل يتلاعبون لهدم الشريعة باسم الشريعة.
والمعيار الذي ينضبط به التفسير الإشاري ليكون مقبولا هو الشروط الآتية:
1 - أن يكون له شاهد شرعي يؤيده من غير معارض. وذلك لأنه إن لم يكن للتفسير الإشاري شاهد في محل آخر، أو كان له شاهد لكن له معارض صار دعوى تدّعى على القرآن من غير دليل. والدعوى التي لا دليل عليها مرفوضة باتفاق العلماء [2].
2 - أن يصح التفسير الإشاري على مقتضى الظاهر المقرر في لسان العرب، وذلك ضرورة كون القرآن عربيا، إِنَّا جَعَلْناهُ قُرْآناً عَرَبِيًّا، ولو كان [1] أي عتب. [2] الموافقات للشاطبي ج 3 ص 394.