مثال ذلك: آيات اللعان:
فقد أخرج البخاري أنها نزلت في هلال بن أمية لما قذف امرأته عند النبي صلى الله عليه وسلم فأنزل الله: وَالَّذِينَ يَرْمُونَ أَزْواجَهُمْ ....
وفي الصحيحين أنها نزلت في عويمر العجلاني وسؤاله النبي صلى الله عليه وسلم عن الرجل يجد مع امرأته رجلا .. فقال صلى الله عليه وسلم: «قد أنزل الله القرآن فيك وفي صاحبتك» [1].
وظاهر الحديثين الاختلاف، وكلاهما صحيح.
فأجاب الإمام النووي بأن أول من وقع له ذلك هلال، وصادف مجيء عويمر أيضا فنزلت في شأنهما معا، وبذلك قال الإمام الخطيب، قال:
«لعلهما اتفق لهما ذلك في وقت واحد» [2].
3 - أن يتعدد نزول النص لتعدد الأسباب:
قال الإمام الزركشي [3]: «وقد ينزل الشيء مرتين تعظيما لشأنه، وتذكيرا به عند حدوث سببه خوف نسيانه ... ».
ولذلك أمثلة، منها:
ما ثبت في الصحيحين [4] عن عبد الله بن مسعود في قوله تعالى وَيَسْئَلُونَكَ عَنِ الرُّوحِ أنها نزلت لما سأله اليهود عن الروح وهو في المدينة، ومعلوم أن هذه الآية في سورة «سبحان»، وهي مكّية بالاتفاق، فإن المشركين لما سألوه عن ذي القرنين وعن أهل الكهف قبل ذلك بمكة وأن اليهود أمروهم أن يسألوه عن ذلك، فأنزل الله الجواب، كما سبق بيانه [5].
ولا يقال: كيف يتعدد النزول بالآية الواحدة، وهو تحصيل حاصل؟
فالجواب: أن لذلك فائدة جليلة، «والحكمة من هذا- كما قال [1] البخاري في التفسير: 6: 99 و 100 ومسلم في اللعان: 4: 205. [2] الإتقان ج 1 ص 33. [3] البرهان ج 1 ص 29. [4] البخاري في التفسير ج 6: 108 - 109 ومسلم في القيامة: 8: 128. [5] ص 31 وانظر المسند ج 2 ص 255 والطبري ج 15 ص 104.