الفصل السادس أسباب النزول
هذا علم جوهري من علوم القرآن، وأثير لدى الباحثين في التفسير عامة، وفي أسرار أسلوب القرآن خاصة.
ويعرف سبب النزول بأنه:
ما نزلت الآية أو الآيات تتحدث عنه أيام وقوعه.
وهذا القيد «أيام وقوعه» يعتبر شرطا جوهريا لبيان سبب النزول وتمييزه عن الآيات التي نزلت للإخبار بالوقائع الماضية، حتى انتقد العلماء «ما ذكره الواحدي في تفسيره سورة الفيل من أن سببها قصة قدوم الحبشة به، فإن ذلك ليس من أسباب النزول في شيء، بل هو من باب الإخبار عن الوقائع الماضية، كذكر قصة نوح وعاد وثمود وبناء البيت ونحو ذلك.
وجدير بالتنبيه عليه هنا أنه ليس كل القرآن قد نزل على أسباب، بل إن من القرآن الكريم ما نزل ابتداء غير مبني على سبب، ومن ذلك أكثر قصص الأنبياء مع أممهم، وكذا وصف بعض الوقائع الماضية، أو أنباء الغيب القادمة، وبيان أهوال القيامة، والجنة والنار، فقد نزل أكثر من ذلك ابتداء، من غير توقف على سبب [1]. [1] أما قول ابن مسعود «والله ما نزلت آية إلا وأنا أعلم فيمن نزلت ... » ونحوه عن علي رضي الله عنهما، فليس يعني أن لكل آية سببا بل المراد إن كان لها سبب فهو يعلمه، وقد حاد عن الجادة من حمله على المبالغة أو ظن بالرواة تزيدا. فليتنبه.