يَسْئَلُونَكَ عَنِ الْأَهِلَّةِ قُلْ هِيَ مَواقِيتُ لِلنَّاسِ وَالْحَجِّ. والحيض: وَيَسْئَلُونَكَ عَنِ الْمَحِيضِ قُلْ هُوَ أَذىً فَاعْتَزِلُوا النِّساءَ فِي الْمَحِيضِ ...
ولا شك أن الأسئلة لم تكن في وقت واحد بل كانت في أوقات متفرقة مختلفة فكان لا بد من نزول القرآن منجما.
ويدخل في هذا الجانب متابعة الوقائع والأحداث في وقتها ينزل الوحي بشأنها ببيان التوجيه الإلهي، كما في غزوة بدر ومسألة الأنفال، ومصيبة المسلمين يوم أحد ونزول القرآن بالدروس والعبر التي نجعت فيهم مدى حياتهم مع تسلية أحزانهم ومواساتهم.
أو ينزل القرآن ببيان الحكم الإلهي كما في آيات الزنا والظّهار، والعدّة والأيمان ...
وهذه غزوات الرسول الكريم وحدها مثل غزوة بدر وأحد والخندق وتبوك وحنين مثال ناطق بهذه الحكمة الجليلة التي تقتضي نزول القرآن منجما في مناسبتها فكان لا بد للقرآن أن ينزل منجما وَبِالْحَقِّ أَنْزَلْناهُ وَبِالْحَقِّ نَزَلَ.
ثالثا: تعهد هذه الأمة التي أنزل عليها القرآن:
وذلك لصياغتها على النهج الإسلامي القرآني علما وعملا، فكرا واعتقادا وسلوكا، تخلقا وعرفا.
كما قال تعالى: وَقُرْآناً فَرَقْناهُ لِتَقْرَأَهُ عَلَى النَّاسِ عَلى مُكْثٍ.
ومن مظاهر هذا الجانب أنهم كانوا قوما أميين لا يحسنون القراءة والكتابة فكانت الذاكرة عمدتهم الرئيسية، فلو نزل القرآن جملة واحدة لعجزوا عن حفظه، فأنزل الله قرآنه مفرقا ليقرأه الرسول صلّى الله عليه وسلم عليهم على تمهّل فيسهل عليهم حفظه ويتيسر فهمه ودرسه كذلك.
ثم إن الأمة العربية التي خوطبت بالقرآن أولا قبل سائر الأمم كانت لها عقائد راسخة وعادات موروثة وأخلاق مأثورة عن أسلافهم يتباهون بها ويتفاخرون، ويتبارون في التمسك بها ويتسابقون، على عنجهيّة لم تعرفها أمة